رئيس التحرير
عصام كامل

بنك التنمية.. سلخانة الفلاح المصرى

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تاريخ الائتمان الزراعي في مصر يبدأ فى عام 1880 وذلك من خلال إنشاء البنك العقاري المصري والذي كان من جملة نشاطه تقديم قروض عقارية لملاك الأراضي الزراعية ،وفى عام 1902 تأسس البنك الزراعي المصري الذي كان يعطى قروضاً أيضاً بضمان الأراضي الزراعية، حيث قدم البنك جملة من القروض وكان تعسفه في تحصيل تلك القروض والضمانات والفوائد المستحقة عليها الأثر الأكبر في تراكم المديونيات على الفلاحين مما نجم عنه نزع كثير من الملكيات الزراعية من أصحابها الأمر الذي دفع الحكومة لإصدار قانون عام 1912 يقضى بعدم جواز نزع الملكيات الصغيرة التى لا تتجاوز خمسة افدنة.

وفى عام 1929 أصاب العالم الكساد الكبير ومن ضمن البلدان المتضررة كانت مصر وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى المساهمة فى إنشاء البنك ففى عام 1930 صدر المرسوم بقانون رقم 50 لسنة1930 والذي يرخص للحكومة الاشتراك في تأسيس بنك زراعي. ثم صدر مرسوم تأسيس البنك في يوليوعام 1931 باسم بنك التسليف  الزراعي المصري برأس مال 25 مليون جنيه مناصفة بين الحكومة وبعض البنوك العقارية  والتجارية  ومنشآت أخرى .
وبعد ثورة يوليو زاد الاهتمام بالائتمان الزراعى وصار اهتماما بالملاك والمستاجرين على حد سواء ولكن الائتمان المقدم للمزارع الصغير ظل غير ملفت للنظر حتى اواخر عهد الرئيس السادات واتسم بعدم العدالة فى التوزيع لان تحديد مبلغ القرض ارتبط بحجم مساحة الارض وظل الامر على ماهو عليه فى عهد مبارك لدرجة ان الجمعيات الزراعية وبنوك التنمية والائتمان الزراعى صارت ستنزف صغار الفلاحين بشروط وضمانات فى منتهى التعسف فى حين كان المحظوظون من رجال الاعمال يحصلون على قروض بالمليارت بدون اية شروط. واللافت للنظر هو ان مسلسل تعثر الفلاحين بسبب الشروط القاسية للبنك واعفاء الدولة لهم من فوائد القرض والزامهم بدفع اصل الدين ظاهرة مستمرة من عهد عبد الناصر مرورا بالسادات ومبارك وانتهاء بمحمد مرسى حيث شهدت الفترة من 1965 الى 1976 قرارات سيادية باعفاء المزارعين من سداد المديونيات المستحقة وتجديد القروض لهم مرة اخرى وكأنها منحة سنوية للفلاحين على غرار المنحة ياريس فى عيد العمال!
وقد وصل التعسف فى السنوات العشر الاخيرة من حكم النظام السابق الى حد حصول البنك على ضامن للفلاح الراغب فى الحصول على القرض وتوقيعه على شيكات على بياض وكان الدافع وراء ذلك هو ان صغار الفلاحين اصبحوا من المالكين لخمسة قراريط فى عهد مبارك بدلا من 5 افدنة فى عهد الملوك فاروق وفترة جمال عبد الناصر بفعل التوريث وتجزئة الملكية على الورثة وقناعة المسئولين بان فلاحا بهذا الموضوع سيكون غير قادر على دفع القرض وكانت القشة التى قسمت ظهر البعير هى قانون فض العلاقة الايجارية بين المالك والمستاجر المعروف بالقانون 96 لسنة 1992 لانه زاد من اتساع طبقة الفلاحين المعدمين وغير القادرين على سداد القروض بعد طردهم من اراضيهم فى عام 1997 اى بعد انتهاء الفترة الانتقالية التى حددها القانون بخمس سنوات .
ومن مشاهد بهدلة الفلاحين بسبب الشروط التعسفية فى منح القروض انه قام مستندا فى ذلك على القانون 117 لسنة 1976 بملاحقة الفلاحين المتعثرين فى السداد ومصادرة حتى منقولاتهم لسداد الديون المتراكمة عليهم نتيجة لساسات عقيمة وهدفها شحططة الفلاحين ومنها ايضا حجز بنك الائتمان والتنمية الزراعية على اراضى ومنازل فلاحين لم يقدروا على سداد القروض ومنها حالة فى المنوفية حجز فيه البنك على عمارة مواطن واخذها وجعلها مقرا له وبالتحديد فى مركز اشمون بالاضافة الى حبس الكثير من الفلاحين الذين عجزوا عن السداد وحرك البنك دعاوى قضائية ضدهم والتى كان بعضها يتم تحريكه حسب الهوى الشخصى.
د زياد بهاء الدين الخبير الإقتصادى وعضو الهيئة العليا للحزب المصرى الديمقراطى الإجتماعى اكد أن بنك التنمية والإئتمان الزراعى تحولت من منظومة تسعى لخدمة الفلاح إلى حلقة من الفساد تدين الفلاح بفوائد لا يستطيع تسديدها وبالتالى يترك أرضه أو يبيعها ليسدد ما اقترضه من فوائد تزيد عن حجم الدين الأصلى  مشيدا بخطوة الرئيس مرسى باسقاط الديون الفلاحين متمنيا ان تكون بداية لسياسة زراعية جديدة مطالبا باعادة هيكلة البنك ليكون فى خدمة الفلاحين.
.,وفى ذات السياق قال د سعيد نصر رئيس اتحاد الفلاحين بشمال سيناء أن بنك التنمية والإئتمان الزراعى أنشأ فى الأساس لإعانة الفلاح ومساعدته ولكن النظام السابق جعلها عبء على كاهله فالرئيس المخلوع مبارك وسياساته العقيمة جعلت الفلاح يترك أرضه ويهرب منها وأيضا جعل بنوك التنمية والإئتمان الزراعى منظومة لهدم الزراعة فى مصر وليس بنائها مطالبا بتغيير المنظومة الادارية لهذه البنوك لكى تعود الى سابق عهدها فى خدمة الفلاح وتعطيه البذور والاسمدة التى تعينه على الزراعة بدلا من المال.
ومن جانبه وصف محمد نور امين لجنة الزراعة بحزب النور السلفى ان تاريخ بنك التنمية والائتمان الزراعى بانه تاريخ اسود على الفلاح لانه ينتهى بهم الى السجون بسبب تراكم الديون وبرغم نه انشىء فى الاساس لدعمهم ونصرتهم مشددا على ضرورة اعادة هيكلة البنك بما يتوافق مع الشريعة الاسلامية قائلا انه فى حال عدم تطويرها فانه من الافضل غلقها تماما لانها مضرة بالفلاح ولا تفيده.
الجريدة الرسمية