رئيس التحرير
عصام كامل

د. صلاح جودة: المصريون لازم يشتغلوا 3 ورديات لمدة 4 سنوات

فيتو

  • هناك مخاوف عند سن القوانين من وضع المستثمر يده على الأرض
حكومات وراء حكومات سعت ظاهريا لإنقاذ البلاد من المأزق الاقتصادي، الذي أسر مصر لسنوات طوال، لكن الفشل كان حليفها دومًا، ولم يكن غريبًا أن تدور على مصر دائرة الثورات، لذلك كان لا بد من الحديث مع خبير اقتصادي بحجم الدكتور صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، لوضع اليد على المشاكل الحقيقية التي تمنع شعب مصر من أن يستقل قطار الحياة الكريمة، ووضع روشتة اقتصادية تضع البلاد في مصاف من سبقوها، وتمنح مصر كثيرًا من الاستقرار الأمني.

في حواره مع «فيتـو» رأى الدكتور جودة أن أهم المشاكل الاقتصادية في هذه الفترة هي ارتفاع الدين المحلي والخارجي، وخفض معدلات النمو وزيادة حجم البطالة، إلا أنه طرح حلولا للتغلب على هذه المشاكل من بينها إقامة مؤتمر اقتصادي يشارك فيه أكبر الاقتصاديين في العالم، ووضع خريطة للتوسع العمراني، كما أشار إلى مبادرة «المليار» الهادفة إلى زيادة الصادرات وخفض الواردات، معتبرًا الأمن القومي الاقتصادي هو السبيل لتحقيق الاستقرار والحفاظ على نظام الحكم.. وإلى نص الحوار..

> ما مفهوم الأمن القومي الاقتصادي؟
هو توفير الغذاء والكساء والدواء والمسكن لكل أبناء الوطن، وأيضًا توفير موارد ذاتية للدولة كلما أمكن ذلك، وتخفيف الأعباء على المواطن في الوقت الراهن ومستقبلا، وذلك عن طريق تخفيض حجم الديون سواء المحلية أو الخارجية، وبمعنى أشمل توفير معيشة كريمة للمواطن بشكل آمن.

> برأيك.. ما مظاهر الخلل والضعف في الاقتصاد القومي؟
مصر بها مجموعة من المشاكل الاقتصادية لابد أن نكون على دراية بها، منها زيادة الدين المحلى الذي وصل إلى ألف و700 مليار جنيه، وارتفاع حجم الدين الخارجى إلى 50 مليار دولار بما يعادل نحو 350 مليار جنيه، أي أن إجمالى الدين العام يفوق 2 تريليون جنيه، وهو ما يوازى حجم الناتج المحلى تقريبًا، كذلك هناك خفض في معدلات النمو حتى أصبحت لا تتجاوز 2.2 % بعد أن بلغ في عامى 2008 و2009 نسبة 6،5%، إضافة إلى زيادة حجم البطالة إلى 13 %، وهذه نسبة مرعبة لأننا بذلك بحاجة إلى توفير على الأقل 850 ألف فرصة عمل سنويا لامتصاص مخرجات السوق، إلى جانب تراكم قديم وصل إلى نحو 12 مليون فرصة عمل نحن بحاجة إليها، كما يوجد عجز في ميزان المدفوعات؛ لأننا نستورد في حدود 72 مليار دولار ونصدر بقيمة 25 مليار دولار تقريبًا، ولم نعد نتحصل على الإيرادات التي كانت تأتى عن طريق السياحة والضرائب، ناهيك عن نظام الأجور الذي يعد الأغرب في العالم كله، فلدينا الراتب الأساسى لا يتجاوز 20% والراتب المتغير يزيد على 80%، وفوق كل هذا التشريعات الطاردة للاستثمارات وليست جاذبة له.

> وكيف يمكن التغلب على مشاكل بهذا الحجم؟
نستطيع التغلب عليها بأكثر من طريق متوازٍ، بداية بإقامة مؤتمر اقتصادى ندعو فيه جميع الاقتصاديين والمحللين العرب والأجانب وأصحاب التجارب الرائدة في بلادهم للاستفادة، ونعرض فيه الخلل الاقتصادى الذي نعانى منه، وطرح الحلول وفقًا للإمكانيات الموجودة، وتنفيذ هذه الحلول بكل جدية، وتغيير كل التشريعات القديمة خاصة المالية لا سيما أن مصر بها فوق 82 ألف قانون، من بينها 19 ألفًا تخص الاستثمار والمجالات المالية، ووضع تشريعات عقابية للفعل السلبى، ولابد من وضع خريطة للتوسع العمرانى بنسبة 100% خلال 4 سنوات لأن مصر تعيش على 6% فقط من الحيز العمرانى، فضلا عن الاستخدام الأمثل والرشيد لموارد مصر.

> لكن ما سبل مواجهة العجز في ميزان المدفوعات الذي يؤثر سلبًا في الأمن القومي الاقتصادي؟
قبل زيادة الصادرات لابد من تقليل الوارادات، فمن ضمن السلع المستوردة هناك أدوات كتابية بقيمة 7 مليارات جنيه سنويًا، إلى جانب الأكواب المعروفة بـ «المجات» والتي نستورد منها ما قيمته 100 مليون دولار سنويًا، فكلها أشياء نستطيع صناعتها في مصر ومن خلالها يمكننا تقليل الواردات وخفض الضغط على العملة.. فهناك مبادرة «المليار» التي طرحناها وهى عبارة عن تصنيع 50 سلعة، وإنتاج مليار قطعة من كل منها خلال سنة للسوق المحلية، على أن نصدر أيضًا للدول الأفريقية، فيجب أن نستفيد من المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمت مع هذه الدول، وبذلك نستطيع زيادة الصادرات وتقليل الواردات.

> مَنْ يراقب الأمن القومي الاقتصادي؟
عندما نسن قوانين نخاف أن يأتى مستثمر ويضع يده على الأرض، أي أننا نعانى من هاجس الخوف من الآخر، لذلك لابد من وضع قوانين تتلافى أي نوع من الثغرات مثل دول العالم، ويجب أن نعلم أن الدولة والحكومة هما أقوى من أي مستثمر على مستوى العالم، فهناك قوانين وضوابط تسمح بالحفاظ على الأمن القومى الاقتصادى.

> وما رأيك في تهريب السلع الذي يتم عبر الأنفاق بما يؤثر في أمننا القومي؟ ما الحل الأمثل لهذه المشكلة؟
لدينا مشكلة في الأنفاق، تكمن فيما يحدث من تهريب على مستوى الدولة سواء من المنافذ الرئيسية أو من الحدود التي ليس بها منافذ، فما يدخل من خلالها هو نوع من الاقتصاد السرى أو اقتصاد «بير السلم»، وتعتبر الصناعات النسيجية والدوائية أهم بند في المهربات، فهذه الصناعات تدخل مصر وتمثل من 40 إلى 50% من حجم الاستثمار، لذا ينبغى استغلال القمر الصناعى لمراقبة الحدود ومعرفة ما في الأرض من كنوز والتوصل للتجارب العلمية والتعرف على الإرهابيين، فبدلا من دفع 2 مليار جنيه في قمر صناعى لمشاهدة المسلسلات يمكننا استغلال نفس المبلغ للاستفادة من العلم.

> وماذا عن تأثر الأمن القومي بالتدهور الاقتصادي الذي طال البلاد منذ ثورة 25 يناير؟
مر منذ 25 يناير وحتى اليوم ما يقرب من 45 شهرًا تأثر فيها الاقتصاد بالسلب نتيجة الانفلات الأمني والاقتصادى، وضعف الحكومات، منها عام كامل تحت حكم الإخوان المسلمين تحركت فيه الدولة لصالح الجماعة، ثم محاربة الإخوان منذ يوم 30 يونيو 2013 وإلى الآن، وعدم وجود قوانين ناجزة للعدالة خلال الفترة الماضية، كل هذا له تأثير في الأمن القومى، ويكفى أن معدل النمو (2.2)، بينما معدل المواليد (2.3)، وهذا يعنى أننا لدينا جيل جديد ليس له طعام ولا سكن، فلابد من أخذ قرارات بزيادة حجم الناتج المحلى كل سنة على الأقل بنسبة 25% عن طريق تدمير القوانين الموجودة، وزيادة الإنتاج، وإقرار 3 ورديات للعمل.

> لماذا تربط الدول الكبرى أمنها القومي بالأمن الاقتصادي؟
من وجهة نظرى أن «الاقتصاد مرض والسياسة والأمن عرض»، بمعنى أنه إذا عالجت المرض زال العرض، فمثلا مشكلة الأمن التي نعانى منها ووجود الإرهابيين واستئجار الشباب العاطل للقيام بعمليات تخريبية، إذا وفرنا لهؤلاء الشباب فرص عمل نستطيع إبعادهم عن التيار الخاطئ الموجود، وأيضًا مشكلة ضعف الاقتصاد الذي أدى إلى تعرضنا لضغوط الدول الخارجية، فلو كان اقتصادنا قويًا ما استطاعت أي دولة التعرض لمصر.

> وهل الأمن القومي الاقتصادي أساس نجاح أي نظام حكم؟
بالتأكيد؛ لأن الأمن الاقتصادى هو الذي يحقق الاستقرار وأكبر مثال على ذلك هو عدم وقوع ثورات الربيع العربى في دول الخليج الست؛ لأنها اقتصاديًا مستقرة والمواطن ينعم فيها بالراحة، كذلك جاء فوز رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية في تركيا لأنه خلال رئاسته الحكومة حقق طفرة اقتصادية وجعل تركيا من الدول المتقدمة على مستوى العالم ورقم 8 اقتصاديًا، فالأمن الاقتصادى أهم من الأمن السياسي وهو الذي يحافظ على نظام الحكم.

> أخيرًا.. ما الروشتة التي تراها الأصلح لإنقاذ البلاد اقتصاديا؟
لابد من وضع خريطة وبرنامج اقتصادى، والعمل على تشغيل المواطنين 3 ورديات في الـــ 24 ساعة لمدة الـ 4 سنوات المقبلة، وتشغيل الشباب، وأيضًا العمل على تشغيل أطفال الشوارع.
الجريدة الرسمية