الفلاح المصري الذي لا تعرفه لميس جابر !
لم نكتب حرفًا عن "سراي عابدين".. وانتظرنا عمدًا الدكتورة لميس جابر وآخرين لنعرف رأيهم وقد احتفوا بالمسلسل قبل أن يروه.. إلا أنهم وبعد أن رأوه.. اختفوا ولم نسمع لهم همسا.. فقد كان المسلسل فضيحة بكل المقاييس للعهد والزمن الذي حاول البعض الترويج له والحسرة عليه والبكاء على أطلاله.. فها هي الأسرة التركية - التركية - تمتلك ليس الأرض وما عليها فحسب.. وإنما ومن عليها أيضا.. فالمصري.. ابن هذه الأرض.. وابن ترابها.. والذي يحمل لون نيلها، لم يكن موجودًا في المسلسل إلا في حالات محددة.. في الخدم.. في الحشم.. وتحت الطلب عند الرغبات والنزوات!! و.. وفي القبر!
الحاكم وأسرته.. يقتلون بغير قانون.. وبغير أي رقيب.. ويمنحون ويقررون ويرقون ويفصلون ويسجنون أيضًا بغير رقيب..لا قانون ولا غيره.. فهنا سراي عابدين ! ومصريون.. والذين هم في الأصل مصريون.. من كتبه وكتيبه.. من أنصار هذا العهد.. لا يستحون من الكذب حتى الآن.. فرغم تجاهل المسلسل.. لأنه فضيحه كبرى لهم.. فإنهم يلتفون ليرووا الأساطير مع الأكاذيب.. ويزورون الأرقام مع الوقائع.. ويبالغون ويبالغون.. ولو أنهم قالوا كل ذلك وهاجموا حال الفلاح المصري وقتها.. بل أحوال كل المصريين وهي كلها بؤس.. لقلنا أصحاب رأي وموقف.. لكن.. تعالوا معًا وسريعًا نحكي لكم في عيد الفلاح.. بعضًا من الحال وقتئذ..
يروي أسعد عبد اللطيف في "الحوار المتمدن" في 3 فبراير 2007 ما يلي: "كان أقل من نصف في المائة من الملاك الزراعيين يمتلكون 35% من الأراضي الزراعية، بينما وصل عدد المعدمين ممن لا يملكون أرضًا ولا يستأجرون أي مساحة نحو مليون ونصف مليون أسرة، بينما كان عدد سكان مصر في أول تعداد حديث له في عصر سعيد يتراوح بين 5 و6 ملايين نسمة".
وعلى الرغم من أن السخرة هي أحد ملامح العلاقات الإقطاعية في مصر إبان تلك الفترة فإنها استمرت طوال النصف الثاني من القرن الــ19 لإقامة البنية الأساسية للدولة الحديثة، وكذلك للقيام بعمليات تطهير الترع فعلى سبيل المثال في عام 1847 كان عدد الفلاحين المطلوبين لحفر 3 ترع في الدلتا يبلغ 182077 شخصًا تم توزيعهم على مديريات الوجه البحري، في حين أن أهالي الصعيد كان قد تم تجنيدهم في مشروعات مماثلة في الوجه القبلي، وفي بداية حكم سعيد عام 1844 كان ما يقرب من ألف فلاح من قرية المنصوري بمديرية الجيزة يعملون بصفة مستمرة في المشروعات العامة بعيدًا عن قريتهم من بين مجموع سكان القرية البالغ 2653 نسمة.
وفى فترة حفر قناة السويس كان مخصصًا ما بين 25 ألفًا و30 ألف فلاح ومثل هذا العدد في الطريق إلى منطقة الحفر.. هذا بجانب السخرة في المشروعات العامة الأخرى، وقد بلغ عدد من تم تسخيرهم في تطهير الترع في عهد سعيد 300 ألف فلاح، كما نفذ عدد آخر من المشروعات عن طريق السخرة، مما أدى إلى نقص العمالة في الريف بين 1856 و1863!
ولذلك نندهش ممن يتباكون على ما يرونه ظلمًا لعائله.. أو ظلمًا لأسره.. أو ظلمًا لملك سابق.. أين أنتم من ملايين المصريين الغلابة الذين ولدوا وعاشوا وماتوا في ذل وذل وذل ؟! وفي فقر وجوع ومرض؟ ثم دفنوا أحياء في القناة التي تتباهون بها اليوم وماتوا وقد حفروا بدمائهم هم وأرواحهم كل الترع والمصارف وكل ما تنسبونه لغير أهله!
في عيده.. اليوم 9 سبتمبر.. كل التحية للفلاح المصري والمجد لكل شهيد مصري دفع قطرة عرق أو قطرة دماء من أجلنا جميعًا !!