رئيس التحرير
عصام كامل

هبلة ومسكوها طبلة.. سعد نموذجًا!


ربك إذا أراد عقاب شخص متقلب الوجوه، متعدد الألسنة، متغير الجلود، سلط عليه نفسه وهبله! وأنا الحقيقة لا أعلم إن كان محمود سعد المتخبط، المخبوط، يلقى عقاب الله أو لا، إذ لا يعرف السر إلا عالم الأسرار، لكن ما أتابعه منه، المخبوط المتخبط، يبعث على الرثاء، ويقدم حالة مزرية من تلبك عقلي داخلي، دخلت فيه الأشياء دخولا على بعضها البعض، وامتزجت فيه بصوص وكاتشب من قشر العلم، وصوابع من ملاحظات تافهة.


قبل أيام خرج محمود يتحسر على الوضع الذي آل إليه المواطن المصري، قال: كان المواطن زمان يجلس في البلكونة بالفانلة "لم يقل واللباس" ومراته واقفة جنبه بقميص النوم "على فكرة قميص النوم ليس بالضرورة البيبي دول وطائفته، بل مقصود به منه لباس البيت الداخلي يعني مش هدوم الخروج".. المهم كان المواطن وقتها يقضي العصرية أو الليل في الشرفة ويلعب الكوتشينة مع مراته، ويحتسي البيرة، وكانت البيرة تباع في محال عصير القصب، وفي ثلاجات المياه الغازية، عادي يعني، لكن والشهادة لله كان المواطن ده يشرب البيرة ويلعب الكوتشينة وهو متدين جدًا وعارف ربنا!!

طب أيه اللي جرى يا حنفي، تفتكر زال التدين بزوال البيرة؟ هل الحل هو أن تعود البيرة إلى البيوت؟ عودة الفانلة واللباس؟ وهل تعود الطيبة والسماحة والأخلاق مع عودة الست أو قميص نوم بيتي، وورق الكوتشينة، والبلكونة؟

نعم، زمان كانت أفلامنا الأبيض والأسود، تقدم بيوتًا يعد فيها بار الخمور أساسيًا، ومن مكملات الوجاهة الاجتماعية، لكن ذلك المظهر اقترن ببيوت الراقصات وزعماء العصابات، وتجار الخمور والمخدرات، وباشاوات ما قبل ثورة يوليو ١٩٥٢، وفي أفلامها المضادة لباشاوات الإقطاع لإظهار مساوئهم.

لقد خلت أفلام العائلة المصرية، حسين رياض في بيتنا رجل، وعشرات بل مئات الأفلام، من بار البيرة والويسكي الشهير! أيضا لم أر أبي أو عمي أو خالي أو جدي وجدتي، سيدي وستي بلغة زمان، مفرشحًا في الشرفة ونساءهم حولهم يلعبون الكوتشينة أو يمزمزون خيارا أو كافيارا، أو فولا نابتا، أو ترمسا منقوعا! أو خديلك بق يا ولية! المحفور في ذهني صورة أبي في البلكونة، ماشي بالفانلة عشان خاطر محمود سعد، لكنه كان يصغي لأم كلثوم أو لخطاب عبد الناصر، مترقبًا المنحة شأن كل موظف، أو مهموما بمصروفات بقية الشهر.. وكانت أمي منخرطة في تقوير الباذنجان وفي تنقية الأرز والتحضير لمحشي الغد!

الربط بين أجواء الروقان، شاملة زجاجات البيرة، والتدين، وحسن الخلق، فيه فجور على التفسير، وسوء قراءة من واحد يفك الخط بصعوبة، لم يتعلم تحليل الظواهر الاجتماعية، وردها إلى مسبباتها، وفي حالة الأخ المرتبك هذا، تصبح الجرأة على الفتوى الاجتماعية استهبالا إعلاميًا واستهلاكًا لوقت الناس وفمًا مفتوحًا تتساقط منه فوارغ التفاهات واللخبطات.

هو ده محمود سعد بتاع زمان؟ أو أن الرجل صنعه ما طرأ عليه من ثورة ومن ثروة؟
الجريدة الرسمية