عبَر المخلوع لمن يعتبر
(إِيَّاكَ وَمُسَامَاةَ اللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَالتَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَيُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ) الإمام على بن أبي طالب.
كانت الأعوام الأخيرة من حكم المخلوع هي الأسوأ والأصعب في حياتي، حيث لم يترك الرجل ونظامه المهترئ فرصة للضغط على شخصي وتهديد حياتي وحياة أسرتي إلا ومارسها، بدءًا بمحاصرة سكني بالدواعش مرورًا بتهديدات لا يطلقها إلا من كان فاقدًا المروءة والشرف والإنسانية، انتهاءً بعروض تافهة مغموسة بالذل والهوان، وسحقًا لمن رضي بالذل!
بين ثنايا تلك العروض، كان ما يلي عام 2009 (مصر تتعرض لضغوط أمريكية هائلة) ونريد منكم مساندة النظام في مواجهة هذه الضغوط مقابل كذا وكذا!
سألت ما هو المطلوب مقابل هذه العروض (السخية)؟!
قيل: بيان تأييد للرئيس مبارك!!
قلت للرسول أبلغ من أرسلك، فلان يقول لك سيادتك يا أفندم حضرتك يا أفندم بتحلم يا أفندم!!
الآن تكشف الصحف عن كم الإهانات التي تلقاها المخلوع من أصدقائه الأمريكان وكيف كان ينتقم منهم بالتفنن في الانتقام منا ومحاولة إذلالنا ونسي لو كان يعرف من الأصل أن (اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَيُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ).
وحسب جريدة الشرق الأوسط (بوش جاء لبيتنا وشتم مصر وشتمنا، وبحكم أننا ناس شرقيون، وبوش يُعتبر في بيتي، لم أرد عليه، ولكن رددت عليه فيما بعد.. قلت له وأنا أودعه إنني لن أدخل أمريكا طوال رئاستك فيها).
كانت هذه صفعة بوش أما لطمة أوباما فكانت الأقسى والأسوأ والأشد، فبينما كان المخلوع يتأهب لمرافقة أوباما لإلقاء خطابه في جامعة القاهرة، أخطره ليلا، أنه سيتوجه صباحا للجامعة بمفرده.
هكذا وجد المخلوع نفسه في موقف صعب.. إما أن يتسبب في مشكلة بسبب موقف أوباما، وبالتالي الدنيا ستقوم ولا أحد يعرف كيف ستقعد، أو أن يلتزم الصمت، وأخبرنا مبارك أنه أدرك في هذه اللحظة أنه سيحدث أمر جلل، لكنه قال إنه لا يعرف متى، وقال بالحرف وباللهجة المصرية: (فيه حاجة حتحصل، بس إمتى مش عارف).
ابتلع المخلوع الإهانة وما وراء الإهانة (لم يعد له مكان في المشهد)، لكنه قرر أن يواصل ازدراد الألم وأن ينفس عن نفسه عبر إصراره على سحق رءوسنا!!
هذا هو المشهد الحقيقي للعلاقة بين زعيمنا صاحب الدور المحوري في المنطقة صانع السلام، وغيرها من الدعايات السمجة التي كان يعلل بها هذا النظام المنهار نفسه في نفس الوقت الذي يتصرف إزاءنا كأسد هصور وسبع جسور.
إن في ذلك لعبرة لمن يخشى.