رئيس التحرير
عصام كامل

«أحمد السيد».. عامل نظافة توفيت زوجته بمرض السكر ولديه ابن وحيد مصاب بالقلب.. ويقول: «أنا بسيب أكلي لابني وبنام بالجوع ولا أملك سوى قول يارب».. أكل الفقر وجهه حتى صار مسنًا وهو في

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يسير ببطء شديد ويسحب من خلفه عربة القمامة التي يجمعها من الشوارع، يتوقف من آن لآخر يلتقط أنفاسه ويزيل عرقه الذي يسيل على وجهه الأسمر الداكن من أثر ملاحقة أشعة الشمس الحارقة له طوال اليوم، لسان حاله شاكر ربه على نعمته.


« ادعوا لابنى بالشفاء العاجل ».. هذا الدعاء اعتاد أهالي منطقة مصر القديمة سماعه من « أحمد السيد » عامل النظافة كلما يقوم بإزالة القمامة من أمام منازلهم.

شاب مسن
« أحمد السيد » رجل في العقد الثالث من عمره ولكن علامات التجاعيد التي ملأت وجهه جعلته مسنًا، لديه من الأبناء طفل وحيد يدعى « محمود » أنجبته زوجته بعد عشرة أعوام من زواجهما، وبعد اسبوع واحد من ولادته توفيت الأم متأثرة بمرضها « السكر » الذي عانت منه أعوامًا طوالًا.

قدر الله
ويقول الرجل الثلاثينى: " بعد وفاة زوجتى شعرت أننى أصبحت الأب والأم للطفل ومسئولا عن تقديم الرعاية والحنان له لكى أعوض عنه فقدان والدته، ولكن شاء القدر أن يصاب الطفل أيضًا بمرض القلب وقد سعيت لعلاجه كثيرًا ولكن فشلت لعجزى المادى أمام مايتطلبه علاجه بالعيادات الخارجية "

من الأوائل
« ابنى من أوائل المدرسة ».. يقولها عامل النظافة ويتحول وجهه من اليأس للأمل مره أخرى مفتخرًا بمستوى طفلة الوحيد بالمدرسة والذي حصل على عدد من شهادات التقدير لمستواه التعليمى المتميز ويضيف « أحمد » قائلا: " المدرسين بيقولولى أن ابنى له مستقبل كبير لمستواه العلمى في الفصل ولما يتحصل علية من دراجات عالية ".

الفقر
ويستكمل صاحب الوجه الشاحب حديثه قائلًا: " إن الفقراء لايملكون سوى قول يارب لاسيما بعدما يصابون بمرض خبيث ولايملكون المال للعلاج في العيادات الخاصه ".

ويدخل عم « أحمد » في نوبه بكاء تقشعر له الأبدان ويصمت للحظات ويقول بصوت منخفض: "أشعر بالذنب بعجزى في علاج طفلى الوحيد الذي جئت به بعد طول إنتظار وكلما نظرت إليه وهو يتناول وجبه العشاء اشعر بعجزى واقول في خاطرى لماذا اتيت به وانا لن اعد له مستقبل مضمون ؟ ".

الجوع
« أنا بسيب أكلى لأبنى وبنام بالجوع ».. كلمات يقولها عامل النظافة بحسره وبعيون دامعه، واصفًا أنه يريد أن يبذل قصارى جهده لكى يعوض حنان الأم له والذي فقده هذا الطفل المسكين بعد أسبوع واحد من والدته، وقال بحزن شديد: « برغم مرض إبنى بالقلب وبرغم من نجاحه في دراستة وإشاده مدرسيه بمستواه التعليمى المتميز، إلا أنه يعاوننى على العمل بعد خروجة من المدرسة، وهذا ما يزيد عليا حزنى أكثر فأكثر، واقول في خاطرى كم كنت أتنمى أن يكون أولياء أموره أشخاص أخرين غيرنا لكى يحققون له مستقبل افضل ».


الجريدة الرسمية