الأزهر..الكاتدرائية وأبناء الرئيس !
نفرح ونندهش اليوم من تبرع الكبار والصغار لبلدهم! لوطنهم ! ونعتبرها علامات مضيئة في حياتنا! بات الأصل استثناء والاستثناء أصلا في زمن الانقلاب الكبير على كل القيم!
في الستينيات أبناء رئيس الجمهورية كسروا حصالاتهم..- أيوه..كان أبناء رئيس الجمهورية يدخرون ككل أقرانهم - ليس ليتبرعوا لمصر..فقد كان ذلك طبيعيا ومنطقيا..ففكرة الإدخار في ذاتها كانت لدعم اقتصاد الوطن..وكانت لها حملات توعية نتذكر بعضا مما بقي منها ومن آثارها حتى السبعينيات ونهايتها..إنما كسر أبناء الرئيس حصالاتهم وأخرجوا مدخراتهم وذهبوا بها مع والدهم الرئيس لقداسة البابا كيرلس السادس ليعطوها لقداسته ليساهموا في بناء الكاتدرائية بالعباسية.. أكبر وأهم كاتدرائية في أفريقيا..لتتزعم بدورها كنائس القارة أدبيا وشكليا كما تتزعمهم روحيا !
في الستينيات - يا أعزاء - أفتي الأزهر..أزهر الستينيات العظيم بجواز التعبد على مذهب الشيعة الاثني عشرية ! وكانت العلاقة مع إيران أسوأ مما هي عليه بعد الثورة الإسلامية..فقد كان شاه إيران أقرب أصدقاء إسرائيل وأهم رجال أمريكا في المنطقة..لذا لم تكن الفتاوي سياسية بأي حال..لكن كانت السماحة في الأزهر على أقصاها..وآفاق الاجتهاد والتجديد في أوجها..وقد أهدتنا السماء علماء سجلوا أسماءهم بحروف من نور في سجلات المجددين الكبار مثل العظماء محمود شلتوت وحسنين مخلوف وأحمد حسن الباقوري وغيرهم والأهم: أن مصر العظيمة بقائدها العظيم تغلق أبواب الشر والفتنة..لتغلق معها كل المحاولات الخلفية والخسيسة لتمزيق هذا الوطن.. والتسلل إلى نسيجه.. وقبلت بالمواجهة المباشرة..تصمد مرة..تنتكس مرة..لكنها رافعة الرأس على الدوام..وبقيت بشعوب المنطقة بكامل التحصين ضد العبث بالداخل العربي والإسلامي..الذي يضرب الآن في مقتل..ويحتاج لشفائه لجرعات مؤلمة وطويلة من العلاج !
كانت الطموحات كبيرة والآفاق متسعة والعقول على قدر الأحلام..أما الآن فنقاتل - فقط نقاتل - للإبقاء على ديارنا وأوطاننا موحدة !
لم يكن شيئا في الستينيات يتم بالصدفة..وشيء مما جري فيما بعد لهدم مجد الستينيات أيضا لم يتم بالصدفة..!