جون كيري: «داعش» تهدد أمريكا.. ونحتاج ائتلافا عالميا لمواجهته
قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إنه في منطقة مستقطَبة وعالم مُعّقد، يُمثل تنظيم «داعش» خطرا مُحْدقا يتهدّد عددا كبيرا من الدول منها الولايات المتحدة.
ورأى في مقال نشرته اليوم صحيفة «نيويورك تايمز»، أن مواجهة عدمية داعش وأجندته الإبادية تتطلب ائتلافا عالميا يستخدم أدوات سياسية وإنسانية واقتصادية وإنفاذية للقانون ومخابراتية لدعم القوة العسكرية.
فبالإضافة إلى الذبح والصلب وغيرهما من أعمال الشر المَحْض التي أودت بحياة آلاف الأبرياء في سوريا والعراق ولبنان بينهم مسلمون سُنّة ممن يزعم مقاتلو التنظيم محاكاتهم في المذهب، فإن داعش يمثل تهديدا يتجاوز مداه تخوم المنطقة.
وتمتد جذور «داعش»، إلى ما كان يُعرف بـ«القاعدة في العراق» والذي اكتسب خبرة تجاوزت العشر سنوات في مضمار العنف وليد الفكر المتطرف، وتمّكن التنظيم من استقطاب قوة قتالية صلبة قوامها جهاديون متشددون ذوو تطلعات عالمية، وقد استغل التنظيم احتدام صراع في سوريا واشتعال توترات طائفية في العراق، وتواترت التهديدات على ألسنة قادة التنظيم متوعدين الولايات المتحدة، كما قام إرهابيّ ينتسب إلى «داعش» بقتل ثلاثة أشخاص في المعبد اليهودي ببروكسل رميًا بالرصاص في شهر مايو الماضي.
وأكد «كيري»، أن اشتمال «داعش»، على مقاتلين أجانب يثير المخاوف بشأن التهديدات ليس فقط في المنطقة، وإنما في كل الوجهات التي يستطيع هؤلاء السفر إليها دونما تعقب، ومنها أمريكا.
وقال أن هناك ثمة دليل على أن هؤلاء المتطرفين إذا لم يجدوا رادعًا فإنهم لن يقفوا عند حدود سوريا والعراق، إنهم أكبر وأفضل تمويلا في هذا التنظيم؛ يستفيدون من النفط الذي استولوا عليه والأموال التي تحصلوا عليها بالسرقة والابتزاز من سوريا والعراق، هم كذلك مسلحون بعتاد ثقيل متطور غنموه في المعارك، لقد أظهروا بالفعل قدرة على الاستيلاء على أراض والاحتفاظ بها تحت السيطرة أكثر مما فعل أي تنظيم إرهابي آخر، كل هذا في منطقة إستراتيجية على حدود الأردن ولبنان وتركيا وعلى مقربة من إسرائيل.
وأضاف «كيري»، في مقاله لقد أظهر مقاتلو داعش وحشية مثيرة وقسوة بالغة، إنهم لا يتورعون، إلى جانب ذبح المسلمين الشيعة والمسيحيين موّسعين نطاق الصراع العرقي والطائفي، عن انتهاج إستراتيجية محسوبة في قتل أبناء المذهب السُني الذي يدّعون اعتناقه في سبيل ضمّ المزيد من الأرض، وصدم ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي ضمير العالم.
ورأى وزير الخارجية الأمريكي، أنه «عبر استجابة متحدّة تقودها أمريكا قوامها أوسع ائتلاف أممي ممكن، لن يستطيع سرطان داعش من الاستشراء في أجساد دول أخرى، لدينا دليل قائم بالفعل في شمال العراق، حيث حَسَرتْ الضربات الجوية الأمريكية مَدّ الدواعش موجدة مساحة للقوات العراقية والكردية لاستعادة مواقعها في القتال، وبدعم منا استطاع قادة العراق الاتفاق على حكومة جديدة شاملة وهي خطوة ضرورية لعزل داعش وتأمين دعم كافة الطوائف العراقية».
لكن الضربات الجوية وحدها لن تهزم هذا العدو، ثمة احتياج لردّ أكثر شمولا من العالم، نحتاج إلى دعم القوات العراقية والفصائل المعتدلة من المعارضة السورية ممن يجابهون الدواعش، نحتاج تحطيم وسحق قدرات داعش ومواجهة رسالتها المتطرفة في وسائل الإعلام.. كما نحتاج إلى تقوية آليات الدفاع والتعاون فيما بيننا لحماية شعوبنا.
ونوّه «كيري»، عن لقاء سيجمعه هو ووزير الدفاع تشاك هيجل الأسبوع المقبل، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» في ويلز، بنظرائهما الأوربيين بهدف الحصول على أوسع نطاق ممكن من الدعم، وعقب اللقاء سيغادر كلاهما إلى الشرق الأوسط بحثا للائتلاف عن مزيد من الدعم بين الدول الأكثر تعرضا للتهديد بشكل مباشر.
وأشار إلى أنه في سبتمبر المقبل ستترأس أمريكا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وستنتهز الفرصة لبناء ائتلاف واسع وإلقاء الضوء على خطر المقاتلين الأجانب المنضمين إلى صفوف داعش، وأثناء جلسة الجمعية العامة سيرأس أوباما لقاء قمة لمجلس الأمن لوضع خطة للتعامل مع هذا الخطر الجماعي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، «في هذه الحرب، ثمة دور تضطلع به كل دولة، بعض الدول ستقدم دعما عسكريا مباشرا وغير مباشر، فيما ستقدم دول أخرى مساعدات إنسانية ماسة لملايين المُشرّدين والضحايا في أرجاء المنطقة، وبعض الدول ستساعد ليس فقط في جبر الاقتصادات المتمزقة ولكن أيضا في جَسْر فجوات الثقة المقطوعة بين دول الجوار، هذه الآلية قيْد التنفيذ في العراق، حيث انضمت إلينا بعض الدول في تقديم مساعدات إنسانية وعسكرية كما بذلت جهودا للتوصل لحكومة شاملة».
وأضاف «كيري»، «قد أثمرت جهودنا بالفعل عن انضمام الكثير من الدول لهذا الائتلاف.. وما من شك أن ثمة اهتمامات أخرى، ولكن لا يليق بأي دولة دعم الفظائع التي يرتكبها تنظيم داعش، ولا يمكن لدولة تدعي التحضر أن تغضّ الطرف عن المساعدة في القضاء على هذا السرطان».
وتابع «إن أعمال الدواعش الفظيعة وحدّت صَفّ دول جوار تفصل بينها صراعات تقليدية على المصالح وحشدتها لدعم الحكومة العراقية الجديدة، وبمرور الوقت، سيبدأ هذا الائتلاف في البحث عن مصادر تمويل داعش وغيره من التنظيمات ذات الأجندات الفكرية المشابهة».
وأردف الوزير الأمريكى قائلا «لا شك أن بناء ائتلاف هو أمر صعب، ولكنه أفضل طريق للتصدي لعدو مشترك، عندما اجتاح صدام حسين الكويت عام 1990، لم يتحرك الرئيس جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس أيه بيكر الثالث بمفردهما ولم يتسرعا، وإنما عمدا إلى بناء ائتلاف من دول عملت معا في تناغم واستطاعت إحراز نصر سريع».
واختتم «كيري»، مقاله بالتأكيد على أنه «يمكن هزيمة المتطرفين فقط عندما تتّحدْ دول مسئولة مع شعوبها في مواجهة هؤلاء المتطرفين».