رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يعاني أول حبه في العباسية "3"

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

في كتاب "نجيب محفوظ يتذكر" للروائى "جمال الغيطانى" يحكى الأديب نجيب محفوظ عن أول حب في حياته فيقول:

عدت إلى الجمالية موظفا في مكتبة الغورى، وأشرفت على مشروع القرض الحسن، كان ذلك أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات حيث كنت أعمل بمكتب وزير الأوقاف، وحدث أن تغيرت الوزارة فطلبوا منى اختيار مكان آخر فاخترت مكتبة الغورى بالأزهر، دهش الجميع من اختيارى نظرا للإهمال الذي كانت تعانيه المكتبة..


لكنى كنت أرمى إلى هدف آخر، لقد قضيت شهورا من أمتع فترات حياتى في مكتبة الغورى، فقد قرأت "البحث عن الزمن الضائع" لمارسيل بروست، وكنت أتردد بانتظام على مقهى الفيشاوى في النهار حيث المقهى العريق شبه خال، أدخن النرجيلة وأتأمل وأفكر، وكنت أمشى في الغورية أيضا.

لقد انعكست هذه المنطقة في أعمالى، كان عالمى الأثير هو الحارة، فأصبحت الحارة خلفية لكل أعمالى حتى أعيش في المنطقة التي أحبها.

لماذا تدور الحرافيش في الحارة ؟ لأنه عندما تكتب عملا روائيا طويلا فإنك تحرص على اختيار البيئة التي تحبها..التي ترتاح إليها..حتى تصبح القعدة حلوة.

أما الخلاء الذي يظهر في عالم الحارة فقد استوحيته من العباسية، فكثيرا ما كنت أخرج إلى حدود الصحراء إلى منطقة عيون الماء وأجلس على حافة المقابر وحدى.

عانيت أول حب حقيقى من نوعه، من قبل كنت أحس بالجمال في الجمالية بقدر الأحاسيس التي تراود صبيا في الثامنة أو العاشرة، لكن في العباسية عرفت أول حب لى من نوعه، كانت تجربة مجردة من العلاقات، نظرا لفوارق السن والطبقة.. من هنا لم تعرف هذه العلاقة أي شكل من التواصل، وربما لو حدث ذلك لتجردت العاطفة من كثير مما أضفيته عليها، وسوف تبدو كثيرا من هذه العلاقة في تجربة كمال عبد الجواد في الثلاثية وحبه لعايدة شداد.
الجريدة الرسمية