رئيس التحرير
عصام كامل

طارق حجي للسباكة والنجارة والتركيبات الليبرالية


يصف نفسه دوما بالكاتب والمفكر والمنظر الليبرالى، ويرى في ذاته أنه خبير من النوع «الطلقة» في الطاقة، حيث عمل سيادته بشركة شل العالمية لسنوات دفعته ليصف نفسه بعين الوصف، ويتحدث كثيرا عن ذاته باعتبار كتبه مترجمة إلى عدة لغات من بينها العربية طبعا، وإذا طالعت سيرته البهية على موقعه على الشبكة العنكبوتية ستكتشف أنك أمام بطل مغوار ورجل همام وواحد من هؤلاء الذين لا يشق لهم غبار، وقد يكون بطل الحرب وبطل السلام..

عن طارق حجى أحدثكم، وعنه أنقل لكم بعض الأوصاف التي يصف نفسه بها.. فهو كما يقول عن شخصه ألقى الكثير من المحاضرات باعتباره أحد المنظرين الليبراليين المعاصرين بكثير من جامعات العالم مثل إكسفورد وطوكيو وسيدنى وقائمة طويلة من الجامعات التي تعرفون والتي لا تعرفون، وبالطبع حصل على عدد من الجوائز وأشياء كثيرة لم يذكر منها إلا عمله في إحدى الجامعات المغربية، واختير - كما يقول - لعضوية مجالس إدارات ومجالس أمناء عشرات من المراكز البحثية والمؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ومصر وعدد من دور الأوبرا العالمية !!

وقد أفرد لنفسه عدة مقالات من يقرؤها لن يجد فيها إلا كل سطحية وسذاجة- والأهم تناقضًا غريبًا بين ما يقول وما يفعل فهو في مقالة له تحت عنوان «المغالاة في مدح الذات» يتحدث عن أمراض العقل العربى والتي شاعت على حد وصفه في مناهج تفكير معظمنا، وهى المغالاة في مدح الذات.. ومن عجب أنك إذا جالست الدكتور طارق حجى لدقائق قد تكره نفسك من فرط مغالاة الرجل في مدح ذاته، وأقربها عندما وصل إلى استديوهات قناة المحور الأسبوع الماضى وتأخر ظهوره لبعض الوقت فهب واقفا وهو يصيح كالديك «إنكم لا تعرفون من أنا.. لا تعرفون قدر من تستضيفون، وهاجم محمد شردى مقدم البرنامج وعندما دخل الاستوديو احتضنه.. أي والله حصل!!

وتبدو ذات طارق حجى المتعاظمة بلا مبرر فيما يقوله عن نفسه وما يكتبه عنها في موقعه الإلكترونى وفى مواقع أخرى لدرجة أن أحد أصدقائنا وصفه بالقول «إن طارق حجى لا يرى إلا طارق حجى»، وهو الذي كتب مقالا في الأهرام يطالب فيه البسطاء بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية بينما كان ينعم بهدوء عاصمة الضباب لندن، وهى ذات العاصمة التي التحف بها عندما كان الشعب المصرى يخوض معركة الاستفتاء على الدستور، وهو ذاته الذي قال لأحد الزملاء المعدين بفضائية كبرى أيام حكم مرسي إن عائلته نصحته بعدم الظهور خوفا على حياته.

هكذا يعيش المفكر والكاتب والمنظر.. يعيش بين عاصمة آمنة أو بين جدران منزله منزويا خائفا على حياته، بينما يدفع بسطاء مصر دماءهم ثمنا للحرية والخلاص من حكم الكهنوت، وهم ليسوا منظرين ولا مفكرين ولا كتابا ولا خبراء طاقة، وليس لديهم ما يكفى حاجتهم في غد كانوا يحاربون من أجله ويدفعون حياتهم ثمنا لذلك بعيدا عن خزعبلات المنظرين.

وعن أدب النقد ورحابة الصدر، يحاضرنا طارق حجى في مقالة لم ينس فيها أنه عمل في شل، وما أدراك ما شل، وتبوأ من بيننا مقعد الأستاذ الفاهم الواعى ليعلمنا أن المجتمعات الغربية إنما تقدمت لأنها أدركت قيمة النقد البناء وتعلمت شعوبها رحابة الصدر وقبول الرأى الآخر، وهكذا يصيغ لنا دروسا لم نكن نعرفها.. وبعد نشر المقالة التعليمية الباذنجانية المشطشة بسويعات قليلة نرى التطبيق العملى لدروسه للعامة من أمثالنا فماذا فعل؟

أدلى طارق حجى بتصريحات للبوابة نيوز لصاحبها عبد الرحيم على معلقا على هجوم «عبده» ضد المهندس نجيب ساويرس.. قال بالحرف: «ساويرس أرعن ولا يصلح للدور العام.. حذاء عبد الرحيم على أكثر منه وطنية وثقافة.. فساويرس قال: أمريكا ستفعل ما تريد وسأقوى علاقتى بمرسي وأسخر قنواتى ضد شفيق.. والبابا شنودة قال عنه: رهن إشارة أمريكا».. هذا ما قاله المفكر والكاتب والمنظر وخبير الجاز والبنزين !!

وما قاله بعد الدرس الذي ألقاه على موقعه إنما هو الطبيعة الحقيقية التي تعبر عن الانفصام بين ما يكتبون وما يفعلون، فما كتبه هو صورة للمثالية ننشدها بينما ما قاله لا يصل إلى مستوى سباك أو نجار، فالأول يحترف سبك المعادن النفيس منها والرخيص ويصيغ للبشرية صناعة مفيدة، والثانى ينجر الخشب ويعيده إلينا «لألأ» مدهشة بينما يفشل طارق حجى فيما يبدعه السباكون والنجارون !!

والمتابع الجيد لبيان حزب الوفد حول ما يحدث لنجيب ساويرس يدرك حجم التناقض للمرة الألف في أجندة المفكر والكاتب والمنظر وصاحب محال التركيبات الليبرالية وشركاه، فهو الذي يعلن على الملأ دفاعه عن المسيحيين ضد الاضطهاد والعنصرية يقع في المحظور ويصبح جزءا من معركة يصفها حزب الوفد في بيانه المهم بأنها عملية اغتيال معنوى لنجيب ساويرس، فنجيب ساويرس مسيحي يجب أن يعيش إما بقدر الجزية أو يصبح مواطنا من الدرجة الثانية لا حق له في المشاركة السياسية.. من الآخر يجب أن يمشى جنب الحيط.

والمثير أن المفكر والمنظر والكاتب وموظف شركة شل السابق والذي طرد منها لذات السبب وهو إنفاقه أموالا طائلة للدعاية لنفسه وليس إلا.. لم يكن جزءا من معركة ولم يكن مدعوا لحوار فيها، وإنما أطل هكذا تحت وطأة أحاسيس لا يمكن لمتابع منصف أن ينكر رائحة الكراهية والحقد والعنصرية فيها، تثبت بشكل واضح أن الرجل لم يصل في أفكاره إلى قدرة السباكين ولا إلى إبداع النجارين فيما يصنعون!!!!

أما عبد الرحيم على فإننا نتحدى أن يعلن عن حجم الأموال التي حصل عليها من نجيب ساويرس عندما كان يخوض معه المعركة ضد الإخوان وحدود معلوماتنا أن ما حصل عليه كان مغريا وأن نجيب كان سخيا وجوادا وحدود معلوماتنا أيضا أن ابتزاز ساويرس إنما جاء بسبب توقف حنفية الفلوس!!. 
الجريدة الرسمية