رئيس التحرير
عصام كامل

موسم الهجرة إلى السماء..أيام مع العمالقة!


كان برنامج "ضي الليل" على القناة الأولى المصرية والذي بدأ في 2002 واستمر عدة سنوات قد حدد ضيوفه في خطة العمل الخاصة به..إنهم رموز الصف الأول في كل المجالات وليس أقل ولا مناقشة!..ولأن البرنامج الذي قدمته اللامعة عزة مصطفى وكان بإشراف مباشر من رئيس التليفزيون وقتها السيدة زينب سويدان - لمن لا يعرف فهي زوجة الكاتب الكبير وحيد حامد ولقبت بأم كلثوم النشرات الإخبارية - لذا كانت المسئولية كبيرة..لكننا استضفنا بالفعل أهم الشخصيات العامة في تلك الفترة بالفعل..إلا أن الصدفة وحدها كانت الأسبوع الماضي في رحيل ثلاثة من أهم ضيوف البرنامج في أسبوع واحد..مصطفى حسين والدكتور أحمد جويلي والشاعر الكبير سميح القاسم..رحلوا جميعا وقد أدوا واجبهم نحو وطنهم وأهلهم..راضين مطمئنين.. هجروا بأرواحهم أرضنا بشرورها وآلامها إلى خير منها وإلي أفضل مما فيها وأفضل ممن عليها..إلى السماء..إلى الرفيق الأعلي!

والثلاثة ولكوني رئيس تحرير البرنامج اضطر آسفا لنعيهم بعدما رحلوا تاركين سيرتهم للتاريخ..والشهادة بحقهم - وقد اقتربنا منهم وتعاملنا معهم - لمن هم مثلي!

مصطفى حسين..أشهر وأهم رموز الكاريكاتير في مصر والعالم العربي..لا يتوقف فنه عند ريشته وحسب..وإنما على قدرته الفذة على ابتكار شخصيات تتماس أو حتى تلتصق بالهموم اليومية للمصريين..ومنها وبها أضحكهم إلى حد البكاء على أحوالهم وحياتهم..كما أن سلسلتي "الحب هو.." و"مطرب الأخبار" حملت بعدا فلسفيا ساخرا جدا وأبرزت طاقة إبداع غير طبيعية فليس من السهل إيجاد أفكار كل يوم لسلسلة من الكاريكاتير الساخر تستمر سنوات وسنوات فما بالكم بسلسلتين فضلا عن الكاريكاتير اليومي!!

كان الأمل أن نجمع مصطفى حسين وتوأمه أحمد رجب في حلقة واحدة..قمتان من قمم الكتابة والصحافة والسخرية في العالم..ولأن فكرة البرنامج تعتمد على أن يستضيف ضيف الحلقة ضيفا آخر يناقشه في الجزء الثاني من الحلقة في قضايا مشتركة أو محل تساؤلات..إلا أننا فشلنا تماما..الخلاف بين القمتين كبير..وهو يروح ويجئ..وأحدهما وقد كتب للتليفزيون المصري الكثير وأعد عشرات البرامج في بداية البث عام 60 إلا أنه يرفض تماما أن يحل ضيفا على أي برنامج مصري أو عربي!

فكرة البرنامج إذن تتطلب توافق ظروف ومواعيد الضيفين معا..ولأن البرنامج يتم تصويره خارجيا..لذا كانت المفاجأة في انتظارنا في موعد التصوير وكانت في ذاتها صورة كاريكاتورية مزعجة..ومضحكة للغاية ورغم ذلك ظل مصطفى حسين رحمه الله نموذجا في الهدوء وفي التواضع و....ونكمل غدا !
الجريدة الرسمية