رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب على الإرهاب..الدين الجديد للغرب


إن طريقة تعاطى الغرب، ممثلاً فى الولايات المتحدة فى العراق، ثم لاحقًا فرنسا فى مالي، مع تنظيم القاعدة، فضلاً عن خطاب فرنسا بعد سقوط أولى ضحاياها فى مالى والحديث عن مواجهة مع إرهابيين محاصرين فى المرحلة النهائية من المعركة، يذكر بالخطاب الأمريكى فى العراق.


أشكر السماء، إذن، أن لدينا كتاباً عرب مثل عبد البارى عطوان، والذى عرف بن لادن الحقيقى أفضل من أى صحفى آخر، حيث كتب فى 2005 مقالاً حول "تنظيم القاعدة بعد بن لادن، والجيل الجديد للقاعدة"، وكشف عطوان العديد من الألغام التى سيمثلها التنظيم بعد بن لادن، كما كشف عطوان عن رسالة تلقاها عبر البريد الإلكترونى تتضمن وثيقة بعنوان "تنظيم القاعدة للاستراتيجية 2020"، والذى تضمن 7 "مراحل" نحو الخلافة الإسلامية فى العالم.

وتشير الوثيقة إلى سبل الانتصار على "الصليبيين" كما تسميهم، وإقامة خلافة إسلامية عالمية، وتقوم الاستراتيجية على استدراج القوى الغربية لاحتلال بلاد إسلامية، بحيث يتم استفزاز الفيل الأمريكى الثقيل لغزو الأراضى المسلمة، وهو ما يمثل، حسب الوثيقة، فرصة للمجاهدين لمحاربته بصوة أسهل من محاربته فى أرضه، إضافة إلى أن هذا الغزو سيؤجج الغضب فى صدور المسلمين ويدفعهم إلى المقاومة، وستتكبد القوى الغربية خسائر مالية فادحة تؤدى إلى إفلاسها خاصة وأن الغزو سيدفع الأمة المسلمة لأن تستيقظ من نومها الطويل وأن تلد جيلاً جديداً يغضب من نية الصليبيين ونزعتهم نحو احتلال أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط وسرقة مواردها القيمة، وهو الغضب الذى تحول إلى كراهية مع أول قنبلة أمريكية سقطت على العراق من طائرات بوش، لقد تجاهلت الاستخبارات الأمريكية رسالة بن لادن، وراحت تستدرج إلى الفخ، وكانت النتيجة أن تحالف تنظيم القاعدة مع البعثيين فى العراق، وهو ما تحول بعد ذلك إلى وباء حيث تقاتل وحدات تنظيم القاعدة اليوم جنباً إلى جنب مع المعارضة المسلحة فى سوريا وغيرها من المنظمات الأخرى فى العراق واليمن وليبيا والجزائر ومالى والآن سوريا.

وأتعجب من أن الغرب فعل بالضبط ما تخططه القاعدة، وكأنها نجحت فى استدراج قواته إلى المنطقة لتبدأ عملية اصطيادهم وتحريض شعوب المنطقة عليهم، فى الوقت الذى أتعجب فيه أيضاً من عدم قدرة الغرب على فهم عقلية القاعدة وتشخيص نقاط ارتكازها وقوتها.

ويبقى السؤال هو: لماذا لا يحاول الغرب السعى لإقامة العدالة فى فلسطين وجنوب لبنان والعراق وكشمير بدلًا من الزج بقوات لمحاربة بلدان إسلامية، وبذلك يمتص نقمة شعوب تلك المنطقة ولا يضطر لحربها.

إن العدل لا يمكن أن يتحقق فى المياه المالحة، وأمراؤنا وسادتنا، الذين ما زالت لديهم رغبة فى أن يحكموا العالم، لن يتركوا أى فرصة تعرض سمعتهم ومكانتهم ومستقبلهم السياسى وحياتهم للخطر، الحرب على الإرهاب إذن هى الدين الجديد للغرب، وهو ما عبر عنه وزير الداخلية الفرنسى عندما أعلن أن "الفاشية الإسلامية تتصاعد حدتها فى كل مكان".

الجريدة الرسمية