ننشر حيثيات حكم "إداري كفرالشيخ" بإعادة موظفة لعملها بعد فصلها.. المحكمة تؤكد: قرار النائب العام الأسبق بإحالتها للمعاش بسبب فقدانها البصر "باطل".. وتقرر منحها إجازة بأجر كامل حتى بلوغها سن الستين
أكدت محكمة القضاء الإداري بكفرالشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة أن مجلس الدولة هو قاضى القانون العام، وأن جميع القرارات الإدارية الصادرة من أي سلطة في مصر تخضع لولاية القضاء الإداري حتى ولو كانت صادرة من النائب العام بوصفه سلطة إدارية، وهو صاحب المكانة القانونية الرفيعة تخضع قراراته الإدارية لرقابة القضاء وولايته وإشرافه على اعتبار أن المحكمة لها قول الفصل طبقا للدستور في نظر كافة المنازعات الإدارية. وأكدت على أن قرار النائب العام الأسبق بإحالة موظفة بالنيابة للمعاش على سن 42 سنة بسبب فقدانها البصر هو قرار معدوم وأمر بعودتها للعمل ومنحها إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغها سن الستين.
إعادة الموظفة إلى عملها بعد فصلها
وقضت محكمة القضاء الإداري بكفرالشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبدالحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار النائب العام الأسبق فيما تضمنه من إنهاء خدمة الموظفة هنية محمد السيد على سن اثنين وأربعين عاما ورفع اسمها من سجل قيد أسماء العاملين بالنيابة العامة اعتبارا من تاريخ ثبوت العجز الكامل المرضى المستديم وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام النائب العام باعتبارها في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغها سن الستين شاملا الأجر الأساسى والأجر المتغير من حوافز وبدلات ومكافآت وأجور إضافية المقررة لشاغلى وظيفتها كما لو كانت قائمة بالعمل ومشاركة فيه وألزمت وزير العدل المصروفات.
انتصار للقانون
قالت المحكمة إن المشرع خص العاملين المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة؛ نظرًا لما يحتاجونه من رعاية اجتماعية خلال فترة المرض التي قد تستغرق أمدًا طويلًا نظرًا لطبيعته فوضع نظاماً خاصاً للإجازات المرضية التي يحصل عليها المريض بأمراض مزمنة يغاير في أسس وقواعد نظام الإجازات العام المقرر في قوانين العاملين، وطبقًا لهذا النظام يمنح المريض بمرض مزمن حقاً وجوبياً في إجازة مرضية استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته؛ استقرارًا يمكنه من العودة إلى العمل أو يثبت عجزه عجزاً كاملاً وفى هذه الحالة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الستين.
المرض سبب خارج عن إرادة العاملة المريضة
وأضافت المحكمة أنه لا يجوز لأية جهة في مصر أيا كانت إحالة العاملة المريضة إلى المعاش قبل بلوغها سن الستين بسبب المرض لأن المرض قدر الله وحساب الموظف ينحسر فيما تمليه إرادته عليه، والمرض سبب خارج عن إرادة العاملة المريضة فلا يجوز أن يكون مانعًا يحول دون منحها الحقوق خاصة بعد أن أعطت للعمل حياتها وجهدها وهى في حال الصحة ومن غير المقبول أن تحرم من تلك الحقوق حال مرضها فذلك ما تمليه أخص حقوق الإنسان خلوصًا إليها، وعليه يمتنع على الجهات الإدارية إسقاط أي حق في الأجر وتوابعه مما كان يتقاضاه المريض بمرض مزمن.
دوافع إنسانية
وذكرت المحكمة أنه فضلًا عن الاعتبارات القانونية الراسخة فإن الدوافع الإنسانية تتأبى بطبيعتها عن أن تتدنى حقوق العامل المريض بمرض مزمن وزيادة حاجته إلى صنوف الرعاية عن تلك التي كان يتمتع بها قبل مرضه وأن المقصود بالأجر الكامل طبقًا لقانون التأمين الاجتماعى هو الأجر الأساسى والأجر المتغير ويقصد به باقي ما يحصل عليه المؤمن عليه من الحوافز والبدلات والمكافآت والأجور الإضافية المقررة لشاغلى وظيفته كما لو كان قائما بالعمل ومشاركا فيه.
واختتمت المحكمة حكمها المستنير - الصادر لأول مرة في تاريخ وزارة العدل -أن المدعية التحقت بالعمل بوظيفة إدارية بالنيابة العامة بكفر الشيخ وهى سليمة الحواس وبعد مرور ما يقرب من إحدى وعشرين عاماً فقدت البصر بنسبة أقل من 6/36 وأصبح درجة إبصارها في كل من العينين اليمنى واليسرى 1/60 وهى أقل من النسبة المتطلبة قانونا بقرار وزير الصحة بل أشدها مرضا ورهصا، إلا أن النيابة العامة أحالتها للمعاش على سن 42 سنة دون أية حقوق مالية أو وظيفية، رغم أن القانون تضمن في صراحة ووضوح وبإفصاح جهير تنظيم حقوق الموظف المريض بمرض مزمن وليس من بينها إحالته للمعاش بسبب المرض قبل بلوغه سن الستين.
ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر من النيابة العامة مخالفا لأحكام الدستور والقانون مخالفة جسيمة ترقى به إلى حد الانعدام لعدوانه على حق من حقوق الإنسان لمن فقدت بصرها أثناء العمل فأصبحت حياتها العامة مظلمة وحياتها الوظيفية مظلومة، أخذا في الاعتبار أن ما يعمق جراح المدعية أنها تعمل بإحدى دور العدالة التي تمنح الناس حقوقهم مما يتعين معه منحها حقوقها المالية عن المدة السابقة وحقوقها الوظيفية مستقبلا باعتبارها في إجازة مرضية بأجر كامل بكافة توابعه وملحقاته كما لو كانت في العمل ومشاركته فيه حتى بلوغها سن الستين.