من العراق
أكتب هذه السطور من بغداد (قلعة العروبة) حيث ينطبق على هذا الشعب الصابر المحتسب كلمات (مظفر النواب).. وهذا العراقُ وقد رجلته جيوش الحصارِ وحيدًا يصول كأن العروبةَ ليس ترى كيف يحتزُ رأسُ العراقِ وكيف تقطّعُ أوصالُهُ ويطوف يزيد به في البلادِ وواهٍ من الانكسارِ المريرِ بعين الرجالِ.. يمدون أيديهم لزمانِ لكم أكرموهُ ولم ألقَ مثل العراقِ كريمًا خجولا!
العراق الكريم الخجول يعيش أزمات كبرى بعضها من صنع الطبقة السياسية المستجدة على الحكم وبعضها من ميراث الاحتلال الأمريكي، لكن الجزء الأكبر منها هو من ميراث العروبة وحامي حمى بوابتها الشرقية صدام حسين.
جلسات مطولة جمعتنا مع برلمانيين عراقيين منهم من سجن وعذب في دهاليز المخلوع حسني لا لشيء إلا لأنهم كانوا يجتمعون لقراءة بعض الأدعية وساسة غير رسميين ومراقبين.
وقبل أن تسأل عن أوضاع العراق ومستقبل تشكيل الحكومة والغزو الداعشي الذي اقتحم العراق والأمة العربية من بوابته الشمالية العثمانية بدعم أمريكي إسرائيلي وتسهيل وتخاذل من عملاء الداخل يبادرك العراقيون بالسؤال عن مصر وأحوالها الأمنية ومستقبلها وسط تثمين واحتفاء بالموقف المصري الأخير تجاه العراق الذي يرونه موقفا سياسيا قويا حازما آملين ألا يبقى العراق وحيدا يصول!!
عروبة العراق خيار راسخ مستقر لم ولن يتزعزع ولا شيء يهدد هذه الهوية لا في الحاضر ولا في المستقبل والعلاقات القوية بين العراق وإيران ليست بديلا عن هذا الارتباط، فالعراق هو بوابة الأمة التي هي في أمس الحاجة لدعم جيرانها المخلصين لتحييد الغز السلاجقة سبب بلاء العرب والمسلمين والحاجة ماسة لتحييد هؤلاء وكف أيديهم عن محاولات الغزو والتخريب التي هي مكون سلوكي أساس من مكونات هؤلاء الذين تكونت دولتهم على السلب والنهب والقتل.
أما عن تشكيل الحكومة العراقية ورئيسها فما زالت أزمة رئاسة الوزراء مستحكمة والوساطات الداخلية قائمة على قدم وساق من أجل الوصول إلى حل حيث يبدي كل طرف اعتقاده أن الأمر سيحسم في النهاية لصالحه.
في تقديرنا أن أزمة تشكيل الحكومة لن تحسم في القريب العاجل فهناك من يتحدث عن عشرة أيام أو أكثر أو أقل، إلا أن الواقع ربما اختلف عن هذه التقديرات المتفائلة.
البعض يرى أن إطاحة المالكي ستنهي الأزمة أو تقرب حلها بينما يرى الطرف المقابل ضرورة احترام الاستحقاق الانتخابي والدستوري وأن تجاوز هذا الاستحقاق سيؤدي بالعراق إلى نفق مظلم.