"عندما تنتهى رحلة زوجين عند الطلاق"
من المؤلم أن تجبر ظروف الحياة أحد الزوجين أو كليهما على أن يستعجلا قرار الابتعاد والانفصال.. كأن ما كان بينهما لم يكن إلا ساعات من الزمن مضت سراعا ثم توقفت عن الدوران .. كأن حياتهما لم تكن إلا رحلة سفر قصيرة انقضت على متن قطار أو طائرة أو مركب شراع .. بعدها وصلا لخط النهاية .. ربما ما عادا يملكان أن يجلسا بجانب بعضهما، أو يتكلمان بكلمات لسماعها معنى.. ربما ما عادا يملكان أن ينظرا لبعضهما نظرات صفاء ملؤها المحبة .. ربما ما عاد يسكن روحهما دفء اللقاء .. فقد تراكمت كتل من صقيع المشاعر .. وتجمدت لديهما كل أحرف الكلمات .. وأطبقت الشفاة على صمت طويل !
وفى لحظات من الألم والوجع يشتد أنين الصمت .. تخرس ألسنة الأرواح المحبة .. وتتلاشى ترجمة اللغات .. وتسقط ستار الكلمات .. وتنقطع أوتار أحرف الهجاء.. ويظل صوت واحد يُسمَع .. حديث النفس حين تجمع من سكرات الأرواح ما تبقى من عصور من أحاسيس باردات العطر..
وماذا تبقى لزوجين أدركا مرحلة تهزم فيها جرأة الحق فى مصارحة كلاهما الآخر بعيوبه، ورفع صوته عاليًا مخاطبًا له بقوله : إنك مخطئ ، أو الرد على سيل اتهاماته ومعاتباته ..
وماذا تبقى لزوجين فقدا أسلوب الحوار .. وضاعت بينهما الحكمة .. وكلما بينهما من كلام صهرته الأوجاع والآلام .. وشاع الكبر والأنا الصارخة المتعالية فى النفس هزمت صوت الاعتراف .. وفقد كلاهما قيمته ومكانته وحبه وتقديره للآخر فصارا أعداء أو أشبه بالأعداء .. وشعور المرارة يخالجهما.. والعجز يعتريهما ببرود الأحاسيس.. برغبة متمردة ثائرة بالابتعاد .. بالهروب من المخاوف المتكررة بينهما.. فيبدأ الشعور يخالجهما بأن رحلة حياتهما معا أوشكت على مشارف النهاية .. وأنه آن الأوان لأحدهما أن ينزل فى محطة .. ويترك الآخر يواصل رحلته ويشق طريقه بمفرده..ويودعه الوداع الأخير ثم يمضى بلا عودة..