رئيس التحرير
عصام كامل

الخيار الوحيد لحل الصراع


البلاهة أحيانًا نعمة من الله.. وهى للعقل كالتيرموستات للثلاجة.. فالتيرموستات تنظم وتضبط كهرباء وحرارة الثلاجة.. وكذلك البلاهة، تضبط كهرباء وحرارة العقل في الوقت المناسب، ومن ثم حمايته من الانفجار أو الانفلات والسعى على غير هدى، وهو ما يعرف عند العامة والدهماء باللسعان.

ومن فوائد البلاهة أيضًا أنها قد تسعفنا، وتنير الطريق نحو حلول عبقرية لأزمات مستعصية.. والسؤال الآن: ما هي المناسبة التي استدعت الكلام عن البلاهة؟

الجواب ببساطة.. الذي أتى بسيرة البلاهة هو المشهد الغريب الرهيب في فلسطين، والذي أكد بما لا يدع مجالًا للهجص أن القانون الدولى قد شُيِّع إلى مثواه قبل الأخير، وتأكد لخلق الله أن القرارات الدولية لا تُبْرَم كى تُحترم، بل تبرم وتوضع في عين الضعيف.. مَشيها عينه!!

ومن المؤكد أن التأمل والاستغراق في المشهد وتفاصيله السوداء ربما يودى بنا إلى نهايات مأساوية، وهنا تأتى نعمة البلاهة التي تنزل علينا كالسكينة.. والبلاهة ليست عبثًا مطلقًا، بل فيها ميزة رائعة.. ذلك أنها لا تفصلك تمامًا عن الواقع، بل تدعوك إلى التعاطى معه بهدوء شديد، وربما تقودك إلى لحظة توهج، فتعثر على حلول عبقرية لأزمات مستعصية.

أنا شخصيًا دخلت دائرة البلاهة، وتعاطيت مع المشهد الحالى في غزة بهدوء شديد، ثم باغتتنى لحظة التوهج، فخرجت باقتراح مذهل لاتفاقية سلام، لا تقوم على أساس القانون الدولى العبيط، ولا بتدخل الأمم المتحدة والقوى العظمى، وإنما على أساس العرف والتقاليد والعيش والملح وعضم التُّربة، وأظنها ستأتى بنتائج أكثر من رائعة.. وإليكم نموذج لاتفاقية السلام المبنية على ما ذكرته في لحظة بلاهة تاريخية:

العنوان: اتفاقية سلام دائم في الشرق الأوسط.
الديباجة: بالسلام احنا ابتدينا بالسلام.
ملحوظة: تعتبر الديباجة جزءًا لا يتجزأ من الاتفاقية.

مادة1: من يعتدى على الطرف الآخر يبقى قليل الأدب.
مادة2: من يقتطع أرضًا من الغير دون رضاه..حار ونار في جتِّته.
مادة3: اعتماد استراتيجية دائمة وموحدة لترسيخ مفهوم عدم الاعتداء، وذلك عن طريق قيام الفرق الموسيقية العسكرية للأطراف الموقعة على الاتفاقية، بإجراء تدريبات مشتركة على عزف نشيد يرسخ مفهوم التعايش اللذيذ، وهو نشيد "والنبى لاهشَّك يالعصفور".

مادة4: مدخرات كل طرف لدى الغير، حَرَم لا يُمَس.. وكل من يحجز على مدخرات الغير أو يصادرها، يصرفها على عينه وعافيته.
مادة5: كل من يشجع ويحبِّذ ويؤيد أساليب الغيظ والكيد والمعايرة.. إلهى ما يكسب ولا يربح ولا يوعَى يشوف اللقمة.
مادة أخيرة: تعتبر الاتفاقية لاغية ما لم تُخْتَم بختم البُلْبُل، وربنا يديم المعروف.
الجريدة الرسمية