رئيس التحرير
عصام كامل

ربنا لا يعودها أيام !


خطايا بعض الحقوقيين مستمرة. قالوا تقرير هيومان رايتس عن فض رابعة متحيز للإخوان، لم يقولوا إن التقرير ضد الدولة. وضد سيادة الدولة. وضد حقوق الدولة في إعادة هيبتها واستعادة نظامها. مازال مفهوم الدولة.. وسيادة الدولة..غائب في عقول مجتمع مدنى أدمن أغلب أعضائه اللعب على الحبال باسم الحريات، والديمقراطية.

يكفينا ربنا شر حقوقيين خطابهم، قبل سنوات، كان أهم أسباب اقتراب الدولة من الهاوية. بعدما انهارت الهيبة، وفقد مفهوم الدولة معانيه.أغلب من انتقدوا تقرير رابعة للمنظمة إياها من حقوقيين، كانوا هم من عادوا الدولة يوما ما بمفاهيم مغلوطة عن الحريات، وعن الحقوق، وعن استقلال المواطن وحرياته.

كان كلاما فارغا.. أو"أي كلام "، تم على أساسه اختراق المجتمع، وهدم مفاهيم السيادة بحجج الإنسان وحقوقه.. ومنظمات المجتمع المدنى وسمو رسائلها. قبل يناير قدم حقوقيون أنفسهم بوصفهم قرآنا عربيا فصلت آياته. اعترضوا على أحكام القضاء. طعنوا في النيابة. هدموا مفهوم سيادة مؤسسات الدولة على أراضيها، فكسروا الصورة.. وغرروا بالرأى العام بحجج المجتمعات الحديثة.. والتوعية السياسية.

وبعد يناير دعموا التظاهرات الفئوية، وفوضى عمالية، وأفكار أدت في النهاية إلى أخذ الحق بالدراع، وقطع الشوارع، وفصل أعمدة الإنارة.. وقطع خطوط السنترالات باسم الحقوق المهضومة، والحريات المكبوتة طوال 30 عاما. حتى الآن، ما زال الحد الفاصل بين نظرة بعض الحقوقيين لمفهوم الدولة شديدة الغموض.

قبل يناير صدقهم الرأى العام.. تجاوب مع تهويماتهم. لما تعاطفوا مع الإخوان.. ساندهم الرأى العام. ولما تكلموا عن معاناة الإسلاميين في السجون.. مال إليهم الرأى العام أيضا.كسبت أفكارًا حقوقية كثيرة مزيدا من الأرض قبل أعوام، بعدما سقط الشارع المصرى، ونخبته صريع أفكار مجتمع مدنى، قاد بعضه أرزقية.. والبعض الآخر استقى معظم نظرياته من قعدات الجريون.. وسهرات قهاوى وسط البلد. 

قبل سنوات، شكك رموز المجتمع المدنى في أحكام القضاء في كتيبات طباعة فاخرة.. بأموال أجنبية. تكلموا عن تسيس النيابة قراراتها.وأولوا القرارات المؤسسية للدولة المصرية على هواهم. وصدقهم الشارع.لما جاء يناير، كان أحد أهم أسباب فوضى الشارع المصرى، نظريات الحقوقيين التي ضربت المجتمع في مقتل قبل أن نستفيق..بعد فوات الآوان.

وأذكر عندك في الكتاب أيام "المعهد الجمهورى" والمعهد الديمقراطى". منظمتان أمريكيتان، مولتهما الولايات المتحدة لإقرار الديمقراطية في مصر دون ترخيص، ودون موافقة من الحكومة المصرية. دافع رموز المجتمع المدنى وقتها، واحد واحد، عن حرية المنظمات الأجنبية، في العمل بمصر.. ولو دون ترخيص ! 

الذين عارضوا تقرير هيومان رايتس عن رابعة الآن، هم الذين دعموا تقارير للمنظمة نفسها، قبل سنوات، تشجب ملاحقة الأمن لمصرى لأعضاء المعهدين الديمقراطى والجمهورى الأجانب في مصر. وتواصل أغلبهم مع الإدارة الأمريكية، وعقدوا لقاءات خاصة، مع عناصر مخابرات أجانب في القاهرة، بحثوا فيها تدابير مواجهة تضييق السلطات المصرية على المنظمات غير الحكومية الأجنبية على أراضينا ! 

كان رموز المجتمع المدنى يوما ما سببا رئيسيا في تماهى الخطوط الفاصلة بين الحريات الفردية، وبين حقوق الدولة في حماية نفسها، وفرض هيبتها ونظامها العام. 

قبل يناير.. سرى مفهوم العمل الحقوقى باعتباره قرآنا عربيا فصلت آياته.ولما انقلبت الأوضاع، وبدت السوءات.. كمن بعضهم، وغاب آخرون عن المشهد، بينما واصل فريق ثالث "النشاط الحقوقى" بحثا عن فرصة.. أو طلبا لمصلحة. 
ربنا لا يعودها أيام علا فيها نجم الحقوقيين العالى، ولا يحكم فينا حقوقيين ناشطين. 
اللهم اكفينا شر الناشطين ! 
الجريدة الرسمية