رئيس التحرير
عصام كامل

القرآن والبخاري ! (٤)


قلت لصديقي: وعدت أن تراجع موقفك من القول بعصمة البخاري عن الخطأ، إن ذكرنا لك ما جاء في البخاري ويخالف القرآن، وحتى نذكر الناس فقد قلنا إننا نحترم البخاري ونقدره، ونقدر دوره الكبير ونيته المخلصة تجاه حديث الرسول صلي الله عليه وسلم، ولأن القول بعصمة البخاري يضعه في مصاف الأنبياء والرسل، وهذا غير صحيح.

قال: وأين هو الذي يخالف القرآن عند البخاري؟
قلت: هي كثيرة بالمناسبة وتمس أمورا عديدة، ومقدما، ستجد شروح الأحاديث تحاول توفيقها مع العقل ومع الواقع وبالتالي مع القرآن، ولكن ما نقرأه هو رأي شراح الأحاديث ولا دليل عليه، ولذلك فهو يصطدم مع القرآن بمجرد النظر، فمثلا في كتاب الحيض بصحيح البخاري من الأحاديث ٤٥ إلى ٤٧ وفي " فتح الباري في شرح صحيح البخاري " طبعة دار الريان للتراث عام ٨٦ الجزء للأول صفحة ٢٩٥ جاء (عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب، وكان يأمرني فأتّـزر فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إليّ وهو مُعتكف فأغسله وأنا حائض ) هذا الحديث مروي بأكثر من صيغة، وهو ينتهي إلى معني واحد هو أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كان يباشر زوجاته وهن في الحيض !! فإذا ذهبت للقرآن تجد الآية واضحة لا لبس فيها فيقول رب العزة ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذي، واعتزلوا النساء في المحيض) وهنا ستجد شراح الحديث يحاولون جاهدين توفيق الحديث مع القرآن! 

فيفسرون المباشرة تفسيرات مختلفة، فإذا ذهبت إلى معني الاعتزال في اللغة، في المعجم الوسيط مثلا أو مختار الصحاح وغيرها، ستجدها كلها تتفق على معني الابتعاد والانعزال ! وجاءت منها العزلة، والآية واضحة، ولا تحتمل حتى البحث، فلم يقل القرآن مثلا بالابتعاد، أو الاجتناب، أو حتى اعتزال المعاشرة الجنسية الكاملة، وكان يستطيع كما فعل في تعاليم الحج، لكنه قال 
(واعتزلوا ) 

وهنا، نكون أمام تناقض كبير، يحاول رجال تقديس البخاري - والبخاري بالمناسبة لا ذنب له في ذلك - بذل أي جهد للتوفيق بينها، لكن رجال مدرسة العقل، يحسمون الأمر تماما، ويقولون بعدم صحة الحديث، حتى لو رواه البخاري، فإمكانية الدس على البخاري واردة جدا، أهمها أنه لم يسمع بنفسه الأحاديث من مصدرها الأصلي، لا من الرسول عليه الصلاة والسلام ولا من الراوي الأول للحديث وهي هنا السيدة عائشه، ولأننا نؤمن بكل درجات الإيمان أن رسولنا الكريم لا يمكنه أن يفعل ما يخالف القرآن، نسارع إلى نفي نسب الحديث إليه عليه الصلاة والسلام، لأنه والقرآن أعز عندنا وأعلي وأغلي وأهم من البخاري بطبيعة الحال، ومن المؤكد أن هذا هو رأي البخاري نفسه إن سألناه!! لكن الذين يتاجرون به وبكل شىء يقفون لدعاة مراجعة التراث بالمرصاد، وللحديث بقية
قال: وهل لديك المزيد؟
قلت: بل وما هو أخطر.. فانتظرني !
الجريدة الرسمية