القرآن والبخاري ! ( 3 )
كان صديقي يشعر بالحصار..فنحن نحترم البخاري ونشيد بمجهوده الكبير..ولكننا في الوقت نفسه لا نقدسه ولا ننزهه عن الخطأ..إلا أنه قال:
- قل بصراحة ومن الآخر..ما هي ملاحظاتك على البخاري ؟
قلت: يا صديقي البخاري نموذج ومثال..لأنه عمدة جامعي الأحاديث.. ولكن لأن الناس تمادت في المبالغة مع البخاري إلى حد القسم به في الريف واعتبار رفض أحاديث به رفضا للقرآن!!! وهذه مراتب للشرك والجنون بغير أي شك !
وأضفت: جمع الأحاديث تطلب ظهور علم آخر اسمه علم الجرح والتعديل..وهو العلم المسئول عن تصنيف الأحاديث وتقسيمها إلى المتواتر إلى الصحيح ونهاية بالضعيف..وهذا العلم يناقش في الأصل اتصال الحديث الشريف في منتهاه بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام..ولذلك فهو يهتم أكثر ببحث سلسلة الرواة..على حساب متن الحديث..أي مضمونة..وبالتالي فطالما سلسلة الرواة ليس فيهم واحد "مجروح"..أي عليه شبهات..سواء في سمعته أو سيرته كأن يكون اشتهر بالكذب أو التدليس..فيعتبرون الحديث صحيحا !!!
في حين تري مدرسة أخرى..كان أبرزهم في العصر الحديث الشيخ محمد الغزالي..وهم يرون أن موضوع ومضمون الحديث أهم..وأن الأسهل والأفضل والأكثر اتساقا مع روح الإسلام هو قياس الحديث الشريف على القرآن والعقل..فإذا تصادم مع أحدهما تصادم مع الآخر بالضرورة ولا يمكن في هذه الحالة أن يكون من أقول الرسول عليه الصلاة والسلام..لأنه لا يمكن أن يقول الرسول بأي حال كلاما يخالف القرآن والعقل..
قاطعني فجأة وقال: يعني ممكن ترفضون حديثا حتى لو كانت سلسلة الرواة له صحيحة ومتصلة ؟
قلت: بل السؤال المنطقي هو: هل يمكن أن تقبلوا حديثا يخالف القرآن؟ هل من الممكن أن يقول الرسول العظيم كلاما يخالف القرآن ؟ هل تصدق رواة رووا الحديث بعد وفاة الرسول بعشرات السنين..لم نرهم على الإطلاق..ولم ير الرسول أغلبهم على الإطلاق..وبالطبع رأي البخاري والتقي منهم الصف الأخير الذي التقاه..فقط..ثم تريدني بالإضافة إلى ذلك أن أقبل حديثا منسوبا - نكرر.. منسوبا للرسول العظيم..وهو في نصه ومضمونه يخالف القرآن ؟؟ أي منطق هذا..وأي عقل ذاك؟
قال: مثل ماذا تلك الأحاديث التي تخالف العقل والقرآن ؟
قلت: وإذا جئت لك بأمثله تتناقض فيها أحاديث مع القرآن والعقل ؟ كيف سيكون حالك ؟ ومن سيكون أعز عليك أن تدفع عنه الأمر وتنفيه..القرآن الكريم والرسول العظيم أم الرواة والبخاري رغم احترامنا وتقديرنا لهم لأن الخطأ أصلا غير مقصود ؟ ومن فيهم تعهد الله بحفظه ؟..ومن فيهم القطعي اليقيني ومن فيهم الظني ؟ ومن...أو أقول لك...من الأفضل أن نكمل غدا..واستعد للإجابة من الآن..
