عن القرآن والبخاري ! (2)
عاد صديقنا للحوار معنا من جديد عن البخاري..إلا أننا ذكرناه بما قلناه أمس..حول احترامنا الكامل للبخاري ولدوره في جمع الحديث الشريف والمجهود العظيم الكبير الذي بذله في ذلك..ونعيد ذلك ونكرره..ليسير الحوار في طريق محدد..إلا أنه باغتني وقال: الحمد لله..هل استمعت لمفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام أمس وهو يقول إن من يشكك في البخاري يشكك في السنة ومن يشكك في السنة يشكك في القرآن..جالك كلامي؟
- قلت: نعم..لقد قرأت تصريحاته..ومثله كمثل رجل الشرطة الذي ألقي القبض على مواطن لأنه يقف في الشارع..وفي قسم الشرطة قال له إن وقوفه في الشارع قد يسمح بآخرين للوقوف بجواره..وإذا وقفوا معا تعطل المرور..وإذا تعطل المرور فسوف يتسبب تكراره في غضب الناس..وإذا ما غضبوا تجمهروا..وإذا تجمهروا تظاهروا..وإذا تظاهروا ثاروا..وإذا ثاروا غيروا النظام ولذا فالوقوف في الشارع مؤامرة !!
يا صديقي لا يصح اعتبار كل محاولة للإصلاح مؤامرة..وكل محاولة للفهم كارثة..وكل رغبة في تجديد الخطاب الديني خروج عن الملة..هذا لا يليق لا بالمفتي ولا بغيره..
قال: هل تنكر أن التشكيك في البخاري تشكيك في السنة؟
قلت: وأنا قبل الإجابة أسألك سؤالا..هل السنة تكمل القرآن؟
قال: نعم..لا شك في ذلك
قلت: وهل كان القرآن ناقصا؟ ارتبك وتلعثم فأضفت: هل أدركت المأزق الذي تضعون في الإسلام باندفاعكم؟ وترديدكم بعض عبارات خطيرة بغير ترو؟
قال: لكن السنة شارحة للقرآن.. حتى إنك لا تجد كيفية الصلاة وركعاتها في القرآن؟
قلت: ولن تجدها في الحديث الشريف أيضا..وكلامك يعني أن القرآن كان مبهما طوال قرنين قبل ظهور البخاري..!! في حين يراها آخرون أزهي عصور الإسلام..!! وهذا التناقض حله باختصار في الآتي: فرق كبير بين السنة والحديث..السنة هي المنهج..أي الطريقة..وفيها العملي..وفيها القولي..ومن السنة العملية عرفنا كيفية الصلاة..وعرفنا مناسك الحج..وانتقلت إلينا من الصحابة إلى التابعين إلى تابعي التابعين.. فعلوها كما رأوها..حتى وصلت إلينا..
وكان الأمر كذلك قبل ظهور البخاري..ولم يكن الدين ناقصا ولم يكن القرآن غامضا..أما السنة القولية..وهي الحديث الشريف..فظل بلا جمع أو كتابة حتى جاء البخاري..ولا نظن أن عملا واجبا من صميم الإسلام يتقاعس عنه الخليفة أبو بكر الصديق..وهو من قاتل مانعي الزكاة لأسباب يعتقد أنها واجبة..؟ ولا يتقاعس عنه عمر بن الخطاب..لسان الحق ؟..ولا عثمان بن عفان وقد قدم للإسلام ما قدم..؟ ولا على بن ابي طالب..باب مدينة العلم كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام..؟ والقول بغير ذلك..هل تسمع..القول بغير ذلك يعني اتهام هؤلاء - حاشا لله - بالتقصير..!! وهو ما لا يصح ولا يستقيم..وعيب !!
ونكمل الحديث غدا..لنري كيف أن احترام البخاري وتقديره لا يعني بالضرورة تقديسه وتنزيهه عن الخطأ..وللحديث بقية!