حرية الرأى والتعبير على خط النار.. الراوى: التحقيق مع "زيدان" دليل ضعف السلطة.. النمنم: فضيحة فى حق مصر.. القعيد: محاولة لـ"أسلمة" إبداع المفكرين بأثر رجعى
أثار استدعاء المفكر الدكتور يوسف زيدان إلى نيابة أمن الدولة العليا، الثلاثاء الماضى، حفيظة وغضب كثير من المثقفين، على خلفية اتهام مجمع البحوث الإسلامية له بازدراء الأديان، وإحداث الفتن الطائفية، والترويج للتطرف الدينى من خلال كتابه "اللاهوت العربى – والعنف السياسى"، حيث اعتبر عدد من الكتاب والمثقفين تلك الخطوة بمثابة تهديد وإرهاب فكرى لحرية الرأى، كما رأى البعض أن محاكمات الأعمال الفكرية والإبداعية فضيحة فى حق مصر.
قال الدكتور صلاح الراوى، سكرتير عام اتحاد الكتاب المصريين: إن اتهام المفكرين والمبدعين بتهمة ازدراء الأديان، كما حدث مع المفكر الأديب يوسف زيدان، يعد دليلًا على ضعف السلطة الحاكمة وقلة حيلتها، ولجوئها نتيجة ذلك إلى محاصرة الفكر بالقوانين والترهيب القضائى، مؤكدًا على أن المستقر فى القيم الإنسانية هو مناقشة الفكر بالفكر، وليس بالمصادرة أو تقديم الكُتّاب والمبدعين للمحاكمة، وتعريضهم بالتالى إلى غضبة مَن ليس لهم علاقة بالفكر والإبداع، كما حدث من قبل لنجيب محفوظ عميد الأدب العربى، والمبدع فرج فودة .
وأكد الراوى أن اتحاد الكتاب المصريين يقف موقفًا قانونيًّا فاعلًا مع من يتعرضون من أعضائه للمحاكمات الفكرية، أو تقييد حرية الرأى ومصادرتها بأى شكل من الأشكال، فهناك مستشار قانونى يتبع الاتحاد، ويتجه مع من يتعرضون إلى النيابة، ويحضر التحقيق ويتابع معهم الأمر، ممثلًا لاتحاد كتاب مصر، بالإضافة إلى الموقف الأدبى الرافض لأى محاولة للمساس بحريات الرأى والتعبير لأى عضو من أعضاء الاتحاد.
وبالنسبة للكُتّاب الذين لا ينتمون إلى اتحاد الكتاب قال الراوى: إذا طلب أى كاتب دعمًا قانونيًّا من جانبنا، فالاتحاد لا يتراجع عن تقديمه.
وأشار الراوى إلى أنه لا بد وأن تكون محاسبة الأديب والمفكر بطريقة الرأى بالرأى والفكر بالفكر، ويتم محاسبة الإبداع عن طريق النقد والآراء الفكرية المضادة التى تجادل وتناظر، فليس هناك أحد من حقه أن يضع معيارًا للازدراء وعدم الازدراء!! فعبر التاريخ بأكمله تعرض المبدعون إلى تهم ازدراء الأديان والتطرف الإرهابى والمساس بالذات الإلهية.
واتفق معه الكاتب حلمى النمنم، مؤكدا على أنه لا يجب اتخاذ المحاكمات الفكرية لأى من الأعمال الأدبية والإبداعية، فالكتاب يرد عليه بكتاب، والفكرة تناظر بفكرة.
وأكد النمنم أنه ليس من المفترض أن يعرض أى من أعمال الكتاب والأدباء على مجمع البحوث الإسلامية حتى تنشر أعمالهم، فكتاب "اللاهوت العربى" ليوسف زيدان لم يَدْعُ إلى أفكار مثل العنصرية البغيضة أو الدعوة للعنف.. فكيف يحاسب؟!
مشيرًا إلى أن الأدباء ظلوا يعانون من محاربة أفكارهم الإبداعية على مر التاريخ، وما يحدث مع المفكر يوسف زيدان الآن هو نفس ما حدث من قبل مع الدكتور طه حسين فى عام 1947 عندما اتهمه الأمن السياسى بأنه شيوعى، حينما كتب "المعذبون فى الأرض"، والذى كان يتحدث عن معاناة الفقراء، ولكننا اليوم نعتبر هذا الكتاب من عيون الأدب العربى.
وأشار النمنم إلى أن استدعاء زيدان إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق فى كتاب هو إجراء يدل على التخلف والرجعية، وهى فضيحة فى حق مصر، مؤكدا أنه ليس هناك معنى لكلمة "ازدراء الأديان"، فهذا كلام مطاط نسبى، وليس له معنى.
ورأى الروائى يوسف القعيد أن كتاب "اللاهوت العربى" للمفكر يوسف زيدان لا يدعو إلى أى من التهم الموجهة إليه، سواء ازدراء الأديان أو إحداث الفتنة الطائفية، أو الترويج إلى التطرف الدينى، فالكتاب لا يزدرى أيًّا من الأديان.
وأكد القعيد على أن المشكلة ليست ازدراء أديان كما يدعى مجمع البحوث الإسلامية، ولكننا نواجه سيناريو "أسلمة كل شىء بأثر رجعى"، حيث يلغى التفكير فى الدولة التى تعتمد على السمع والطاعة، مشيرًا إلى أن كل الأدباء والكتاب مهددون بالاستدعاء الذى حدث مع زيدان الثلاثاء الماضى، وأخشى أن ينزلق الكُتّاب فى أرضهم والسير على نهج أجنداتهم نتيجة للرد عليهم.