"خبراء": الدولة فشلت في استرداد "قرش واحد" من الأموال المهربة.. براءة مبارك تضيع على مصر حقها في استرداد ما هرب.. لم ننجح في تقدير حجم الأموال..نحتاج أحكاما نهائية لنتمكن من مخاطبة الدول
في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصرى أزمة سيولة وعجزا في الموازنة العامة وانخفاض مؤشرات الاقتصاد بصفة عامة ممثلة في حجم الاحتياطي النقدى، وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس الجمهورية إلى التبرع لصالح الاقتصاد المصري، وحالة الفقر التي يعيشها أكثر من 40% من المصريين، إلا أن الدولة لم تنجح منذ قيام ثورة 25 يناير في استرداد الأموال المهربة من الخارج والتي تقدر بالمليارات، ووسط ما يتردد حول إنفاق 64 مليون دولار كبدل سفر وانتقالات وتوكيل مكاتب محاماة أجنبية من أجل تجميد الأموال المهربة، إلا أن الدولة فشلت في استرداد "قرش واحد".
المستشار نور الدين على "الخبير الدستوري وعضو هيئة قضايا الدولة" قال إن القائمين على ملف استرداد الأموال المهربة من الخارج يديرونه بشكل عشوائي وغير مدروس، مضيفًا أن العبث كله في عدم تقدير حجم تلك الأموال المهربة وعدم معرفة طرق استردادها.
وأوضح "نور الدين"، أنه لا يوجد تقدير لحجم تلك الأموال ولم يعلن عن خطط وآليات لاستردادها، وكيفية تهريبها، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري أزمة في عجز الموازنة العامة وانخفاض مؤشرات الاقتصاد بصفة عامة.
وتابع، "أن ما أعلنته سويسرا عن تجميد 350 مليون فرنك سويسرى بما يساوى 500 مليون دولار، يعتبر مبلغا زهيدا ولا يستحق صرف ملايين من الجنيهات على مكاتب المحاماة بالخارج لاسترداده، مؤكدا أن الدولة تسير وراء سراب ووهم استرداد الأموال المهربة طالما لم تضع خطة منظمة، ولا تستند إلى تحريات دقيقة من الأجهزة المختصة ".
وشدد على دور الأجهزة المعنية في إعداد ملف متكامل حول حجم الأموال المهربة، وآلية استردادها وهذا الدور يقع على عاتق الأجهزة الرقابية ووزارة الخارجية، والمخابرات العامة، والأمن الوطني والرقابة الإدارية والأموال العامة، موضحا أن تلك الجهات لديها من الأدوات والآليات والقدرات الفنية والسياسية التي تستطيع تتبع الأموال والدول المهربة إليها.
وأضاف "على" أنه بعد أن تقوم تلك الجهات الرقابية بإعداد ملف متكامل عن حجم الأموال والدول المهربة إليها، يأتي الدور القانوني المتمثل في إدارة الكسب غير المشروع والتعاون الدولي بوزارة العدل وإدارة التعاون الدولي بالنيابة العامة بتنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صدقت عليها مصر، فضلا عن مخاطبة الدول المهرب إليها أموال النظام الأسبق، بإعادة تلك الأموال، بالإضافة إلى رفع دعاوى قضائية في تلك الدول أمام قضائها لاسترداد تلك الأموال.
وأكد أن الحكومة المصرية تلجأ إلى الاستعانة بمكاتب محاماة في الخارج متخصصة في مجال استرداد الأموال المهربة على درجة من الكفاءة لرفع من خلالها الدعاوى القضائية، حيث إنه لا يجوز رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأجنبية بشكل مباشر، وإنما يتعين توكيل محام وطني معتمد في تلك المحاكم الأجنبية ليتولى رفع الدعاوى القضائية أمامها، وتقوم الحكومة المصرية بمد مكاتب المحاماة بكل المستندات والمعلومات اللازمة بشأن أصحاب تلك الأموال المهربة، وكيفية تهربيها وأحقية الدولة المصرية في استردادها، متسائلا: كيف يتم التعاقد مع تلك المكاتب ورفع دعاوى قضائية والحكومة ليس لديها ملف كامل عن حجم الأموال المهربة، وتحرياتها الأمنية ناقصة في هذا الشأن؟
وقال "على" إن ملف استرداد الأموال المهربة يدار من خلال وزارة العدل والنيابة العامة بشكل أساسي، ولم يتم إسناده إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرته رغم قدرتها على التعامل مع هذا الملف بكفاءة عالية، واستطاعتها تحريك المياه الراكدة، مضيفا أن "قضايا الدولة" استطاعت الحصول على أحكام لصالح مصر بقيمة 15 مليار جنيه، موضحًا أن الهيئة تستطيع الآن بعد التعديلات الدستورية الجديدة الإنابة عن الدولة دون الرجوع إلى الجهة الإدارية.
وأشار إلى ضرورة صدور أحكام قضائية باته ونهائية على المتهمين بالفساد والتي صدر قرار بالتحفظ على أموالهم وتجميدها، واستعادة أموالهم المهربة إلى الخارج وهم مبارك ورموز نظامه الأسبق، ليتم تقديمه للدول الأجنبية كمستند رسمي يثبت أن تلك الأموال المهربة مسروقة وتم الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة.
" نور الدين" نوه أن في حالة إسناد الملف لهيئة قضايا الدولة فستقوم الهيئة بمتابعة القضايا المرفوعة أمام القضاء الأجنبي في الدول التي تم تهريب أموال "مبارك ورموز نظامه إليها من خلال مكاتب المحاماة الموكل إليها متابعة تلك القضايا في الخارج، والتنسيق معها ومدها بكل المعلومات والمستندات اللازمة، بالإضافة إلى الاتصال بوزارة الخارجية والتنسيق معها لمدها المعلومات اللازمة عن طبيعة النظام القضائي والقانوني في تلك الدول الأجنبية، فضلا عن الاتفاقيات الدولية المصدقة عليها مصر في هذا الصدد.
من جانبه كشف المستشار يوسف عثمان "مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع"، أن قيمة الأموال المهربة لرموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في بريطانيا وسويسرا وإسبانيا تقدر بمبلغ مليار ونصف المليار دولار.
وأكد "عثمان" وجود تطورات جديدة بشأن هذا الملف، موضحًا أنه تم إبرام اتفاقيات مع بعض دول الاتحاد الأوربي باستمرار تمديد الأموال المهربة لنظام مبارك لحين صدور أحكام قضائية نهائية ضد المتمهين بالكسب غير المشروع وإرسال ما يفيد ذلك إلى تلك الدول.
وأكد عثمان أن قطاع الكسب بالوزارة يجري حاليا مفاوضات على عدة محاور للتواصل مع دول الاتحاد الأوربي لتحريك ملف الأموال المهربة بخطوات سريعة، خاصة في الدول التي لم يعلن عن قيمة الأموال المهربة بداخلها، فضلا عن إزالة العقبات التي تواجه الملف بشأن بعض القوانين الحاكمة في تلك البلاد واختلافها عن مصر، والتي تضع اشتراطات معينة بصدور أحكام باتة ونهائية ضد أصحاب تلك الأموال.
وأشار إلى أنه يحضر عدة مؤتمرات عربية ودولية لتسهيل التعاون القضائي مع الدول الأوربية المهرب بداخلها أموال لرموز نظام "مبارك"، مؤكدًا أن هناك بعض الدول الأوربية لم يتم التوصل بعد إلى قيمة الأموال المهربة بداخلها.
وأكد "عثمان" أن إدارة الكسب غير المشروع لم تفتح ملف الأموال المهربة إلى الخارج لرموز نظام الإخوان، لافتا إلى أنه لم يحسم بعد ما إذا كان هناك أموال مهربة للإخوان خارج البلاد من عدمه.
من ناحية أخرى قال صابر عمار "الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب" إن استرداد الأموال المهربة من الخارج مرتبط بصدور أحكام قضائية نهائية ضد رموز نظام "مبارك ".
وأوضح "عمار" أن ما يتم في ملف استرداد الأموال المهربة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن مجرد إجراءات تحفظية، أي التحفظ على الأموال المهربة داخل الدول الأوربية حتى يتسنى لمصر استعادتها بعد صدور أحكام قضائية ضد المتهمين، مؤكدا أن معظم الدول الأوربية المهرب إليها أموال رموز نظام "مبارك " تشترط صدور أحكام قضائية ضدهم تثبت إدانتهم، وحصولهم على تلك الأموال عن طريق غسيل الأموال، أو بطرق أخرى غير مشروعة.
وأشار إلى أنه لا يمكن الحكم على فشل الدولة من عدمه في قضية استرداد الأموال المهربة إلا بعد صدور أحكام قضائية نهائية على المتهمين.
يذكر أن قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة، قد انتهى من مراجعة نص مشروع القانون المقدم من وزارة العدل لإنشاء لجنة قومية لاسترداد الأصول المنهوبة، التي تختص بالبحث والتحري، والملاحقة والرصد، والكشف عن كل الأصول التي يشتبه في الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة من الناحية القانونية والدستورية تمهيدا لاعتماده من رئيس الجمهورية.