رئيس التحرير
عصام كامل

القاهرة والرياض وداعش !


لم تتحرك الولايات المتحدة لضرب مواقع المدفعية الداعشية بقنابل زنة ٥٠٠ رطل موجهة بالليزر، إلا لسببين، أولهما حماية ممثليها في أربيل عاصمة كردستان العراق، وكذلك أبناء الطائفة اليزيدية المهددة بالإبادة، وثانيهما، وهو الأهم، منع سقوط كردستان الحليف الوثيق المختبر ولاؤه للبيت الأبيض.


في يونيو الماضي ألجم أوباما منتقديه لصمته على سلسلة الانتصارات الكاسحة السريعة لداعش، بأن ألقى اللوم العنيف على طائفية المالكي رئيس الحكومة العراقية المتعصب للشيعة، والمتهم باضطهاد السنة، انتقامًا من سنوات حكم صدام، كما أسكت أوباما مهاجميه، بإرسال 300 من القوات الخاصة، لجمع المعلومات وتقييم الوضع على الأرض، وتدريب القوات العراقية والدفاع عن السفارة الأمريكية في بغداد.

وجودهم أثر بالفعل في تقدم داعش التي تعثرت عند مدينة سامراء، على بعد 100 كيلو متر من العراق، وظن أوباما أنه غسل يديه من طين أسلافه الثلاثة، بوش الأكبر ثم كلينتون، ثم بوش الأصغر، المجرم الطليق المسئول فعليا عن كل كوارث المنطقة من غزو العراق حتى برامج تدريب غزو مصر، و6 إبليس، والتحالف مع الإخوان، مرورا بمآسي ليبيا وسوريا واليمن، وحتى تونس المتململة تحت جسد الإخوان الثقيل !

بالضربات الأخيرة المحددة الأهداف، يمكن القول إن أوباما خرق تعهداته بألا يعود إلى العراق أبدًا، وها هو قد عاد، جوا على الأقل، وأن الذهاب إلى المستنقع لم يكن قط من أجل إنقاذ المسيحيين في الموصل، الذين يزني بكريماتهم، وزوجاتهم أو يطردون، أو يدفعون الجزية، أو يعلنون الدخول في الإسلام الداعشي !

يمكن أيضًا فهم التحرك السريع للقيادتين المصرية والسعودية، بأن الرجلين يخاطبان، بالخبرة والحكمة وقوة العتاد والعزيمة، خطر التتار الجدد، طليعة خيانة الإخوان، يهدد الضلع الشرقي من المملكة السعودية، وخطر زوائدهم وفروعهم، من المتعاونين مع الجماعة الإرهابية الأم، الإخوان المسلمين، يتربصون بالضلع الغربي لمصر.

وفي الوقت ذاته، توجه الرئيس السيسي إلى روسيا، لتأمين إمدادات السلاح، ومكافحة الإرهاب، وتوثيق العلاقات الاقتصادية، في سياق من التوتر المتصاعد بين الغرب، والروس، قرر فيه بوتين تصعيدا ضد التصعيد، وحظر استيراد المواد الغذائية من أوربا وأمريكا، ردًا على عقوباتهم ضد اقتصاد بلاده، واللجوء إلى مصر والمغرب لاستيراد المواد الغذائية اللازمة للبيت الروسي.

الضرورة الداهمة، هي إذن ما يلخبط خريطة الاقترابات، ويعيد تركيب وترتيب الأوراق والجدران، فالسعودية ومصر والجزائر وروسيا، والأردن، والإمارات والكويت، تبدو جميعها مهددة بخطر الربيع المعمول في المخابرات الأمريكية، ومعرضة لغدر من قوة كبرى تنفرد بالسيطرة على العالم، وتوجيهه لحساب مصالحها ومصالح إسرائيل.

رد الفعل العربي، بقيادة مصر والسعودية، هو إعلان بخطوات مضادة للفعل السري والعلني الأمريكي، مهما ابتسمت عيون كيري، أو عكس وجه أوباما المظلم، حزنا كاذبا على أطفال العراق أو أطفال غزة !
الجريدة الرسمية