عن القرآن والبخاري !
قال بانفعال بالغ: إنهم يكرهون البخاري.. إنهم يريدون هدم الإسلام !
فقلت بهدوء بالغ: يكرهون البخاري؟ ولماذا يكرهونه؟ لا خلاف شخصي ولا منافسة على شيء بينهم بل هم لم يعاصروه، ولم يمتد العمر به ليعاصرهم والكلام عن الحب والكراهية في حالتنا نوع من التهريج.. كما أن اتهامهم بمحاولة هدم الإسلام يفتح الباب عن كينونة الإسلام قبل ظهور البخاري.. ويفتح الباب للتفتيش عن النيات وهو أمر نهانا الله عنه!
هدأ قليلا ثم قال: لكن هل يعجبك ما يفعلونه مع الرجل ؟
قلت: هم لا يفعلون مع الرجل بشخصه أي شيء.. كل ما يفعلونه مع ما تركه الرجل من تراث !
قال: يبدو أنك مثلهم.. لك موقف من البخاري.. فلا تحيرني.. قل رأيك فيه بصراحة؟
قلت: البخاري رجل عظيم جدا.. قام بعمل كبير ورائع.. وبذل مجهودا جبارا وكبيرا.. وإن كنا نحتفي بالأبنودي لأنه جمع سيرة بني هلال.. ونحتفي بمحمود قاسم لأنه جمع تراث السينما المصرية وأفلامها.. فمن باب أولى أن نحتفي بمن سعى لجمع حديث الرسول العظيم - عليه الصلاة والسلام !
قال: "قولهم.. أصدقاءك هم".. فقل لهم ذلك.. وأعتقد أنهم سيهاجمونك بشدة !
قلت: رغم رأيي إلا أنني أري البخاري.. هذا العظيم.. ليس مقدسا.. ولا يصح أن يقول الله عن نبيه في كتابه العزيز.. عن نبيه يا رجل في كتابه العزيز "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" و" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلى"، ورغم هذا الوحي.. يعاتبه الوحي نفسه.. بل يعاتبه في أكثر من موقف.. نعم.. أكثر من موقف.. في موقفه عليه الصلاة والسلام من أسري بدر ومن حديث الرجل الكفيف له وغيرها.. فإن كان ذلك كذلك مع الرسول.. فما بالنا مع أي بشر آخر غيره؟
قال: هل تريد أن تقول إن في صحيح البخاري أخطاء ؟
قلت: البشر ليسوا معصومين.. والعصمة لله ولرسوله
قال: لكنه أدق كتاب بعد كتاب الله تعالي..
قلت: على العين والرأس.. كل التقدير والاحترام.. لا شك ولا تشكيك في المجهود العظيم.. لكن انتبه... فهذه المقولة نفسها بشرية.. لا هي آية قرآنية ولا هي حديث شريف..
قال: هل تنكر ما اجتمع عليه الناس واستقروا عليه ؟
قلت: أراك لا تختتم حديثا ولا تقف عند نقطة.. ومع ذلك سأقول لك.. ما تقوله هو نفسه ما حذرنا القرآن الكريم منه واستهجنه "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" و"إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"... ونمتنع من وضع علامات تعجب بعد آيات الله العزيز الحكيم لأنه لا يليق أن نضع علامات تعجب بعد كلامه عز وجل.. إلا أن الآيات تنطبق على أصحاب هذا القول تماما.. ألغوا العقل واكتفوا بالنقل وتقليد أسلافهم فسخر منهم القرآن! فالقصص القرآني يا عزيزي لم يأت للتسلية.. ولا للحشو.. وإنما لاستنباط قوانين للكون.. وها هي الدائره تدور.. ليأتي الدور على آخرين من أمة الإسلام.. وينطبق عليهم استهجان القرآن واستنكاره !
وسوف نستكمل الحديث غدا.. ولكن.. إياك أن تنسي.. أننا نحترم البخاري جدا.. ونقدر دوره الرائع المهم.. وهو نفسه على العين والرأس.. ولأننا نحبه ونحترمه نريد أن نفعل مثله.. ونقلده.. ونسعي لأن نبحث ونفكر ونستنبط.. ونقبل ونفكر ونوافق ونرفض.. وهذه سمات الإنسان.. خليفة الله على الأرض.. كما أبلغنا ربنا سبحانه.. وللحوار بقية!