رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» تنشر مشروع النظام الأساسي لاتحاد الصناعات العربية

محمد البهى عضو مجلس
محمد البهى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات

حصلت "فيتو" على "مشروع النظام الأساسى لاتحاد الصناعات العربية" والذي يتضمن أسباب التأسيس" حيث يهدف الاتحاد إلى العمل جنبا إلى جنب مع اتحادات غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية من أجل تكتيل الجهود العربية لتأسيس تكتل اقتصادي عربي متكامل يكون قاعدة أساسية للانطلاق نحو مسيرة التقدم العربي الذي أصبح مشروطا بوجود مثل هذه القاعدة الاقتصادية العربية.



وذكرت ملامح المشروع دوافع إنشائه والتي كان أولها أن بقاء حال "الصناعة العربية "على ما هي عليه لن يحرك القيود والعوائق التي تحول دون تطوير الصناعة العربية. وتأسيس اتحاد للصناعات العربية سوف يمكِّن الصناعيين العرب من التنسيق والتكامل في الإنتاج والتسويق للصناعات، وتنظيم التنافسية العربية في مجال الإنتاج الصناعي.

وثاني هذه الدوافع، أن تأسيس اتحاد للصناعات العربية من شأنه تمكين الصناعيين العرب من إنشاء تجمعات متخصصة للصناعات المتنوعة في الوطن العربي التي هي شرط أساسي للتقدم الصناعي.

فالصناعات الكبرى التي شهدت تقدمًا وارتقاءً في الإنتاج كمًا ونوعًا وتسويقًا كانت محصلة لتضافر جهود مشتركة لمؤسسات صناعية أخذت بقاعدة التخصص وتقسيم العمل في الإنتاج الصناعي بين أكثر من دولة في إنتاج سلعة واحدة فرضته الثورة التكنولوجية وثورة الاتصال. فقد ترتبت على الثورة التكنولوجية ظهور أنماط جديدة للتخصص وتقسيم العمل مغاير لذلك النمط التقليدي من التخصص وتقسيم العمل بين دول صناعية وأخرى زراعية.

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد نوع من تقسيم العمل الصناعي بين بلدان مختلفة لإنتاج السلعة نفسها وبالذات بالنسبة للسلع الإستراتيجية الكبرى والمعمرة. مثل صناعة الطائرات على سبيل المثال، فالطائرة إيرباص طائرة أوربية تشارك فيها شركات من دول أوربية متعددة، ومؤخرًا تم في اجتماع القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج على هامش مؤتمر قمة منظمة شنغهاي للتعاون (20 مايو 2014) عقد صفقات لمشروعات مشتركة في مجالات الطيران والفضاء والإنتاج الصناعي والطاقة كان أبرزها توقيع اتفاق بين مؤسسة الصناعات المتحدة (أراك) الروسية، وشركة الطائرات
التجارية الصينية (كوماك) للبدء قريبًا بتطوير وإنتاج طائرة مدنية ضخمة للمسافات البعيدة حيث يخطط لتمكين الطائرة المزمع تصنيعها من السيطرة على حصة كبيرة في سوق الطيران الروسية والصينية متجاوزة حصة شركتي بوينج وإيرباص.

ثالث هذه الدوافع يتعلق بالتطورات الجديدة في مجال الإنتاج الصناعي العالمي الذي له علاقة مباشرة بمسعى التقدم. فالدول التي تصنف الآن بأنها دول منافسة في الإنتاج العالمي وشريكة في التقدم أضحت محصورة في الدول المنخرطة في صناعات خمس كبرى هي: صناعة المعرفة (فالعالم يتجه الآن إلى تجاوز ما يعرف بالعالم الصناعي إلى عالم إنتاج المعرفة وإلى اقتصادات المعرفة) التي ستكون لها الغلبة في التقدم الاقتصادي في المستقبل، وصناعة الفضاء، والصناعة النووية، والصناعة العسكرية وصناعة الطاقة.

هذه الصناعات الخمس هي صناعات التقدم الحقيقي، وهي صناعات من المستحيل أن تحقق أي دولة عربية أي نوع من التقدم في أي منها منفردة، فما بالنا والمطلوب هو الانخراط المباشر في هذه الصناعات الخمس بكل ما تتطلبه من تراكم رأسمالي هائل ومعارف علمية وتكنولوجية متقدمة ومتطورة وقدرات بشرية مدربة على مستويات عالية، ناهيك عن السوق الذي يؤمن نجاح مثل هذه الصناعات.

ولهذا فإن أي تفكير في التحاق أي دولة عربية في هذه الصناعات الكبرى الخمس أو حتى في أي منها منفردة يبقى تفكيرا خياليا محفوفًا بالفشل، وليس أمامنا إلا أن نعول على تأسيس اتحاد للصناعات العربية يكون بمثابة وعاء فكري وتنظيمي وإداري يدفع الدول العربية للولوج في غمار الإنتاج الصناعي المتقدم، الذي بدونه سيبقى الحلم العربي في النهضة والرقي والانخراط كشركاء، وليس تابعين، في بناء التقدم العالمي والحضارة العالمية محض وهم وإدعاء.

لم يعد التقدم بمفهومه الشامل مجرد أحد الخيارات المأمولة للأمم والشعوب في عالم متصارع على المكانة والنفوذ والسيطرة ولكنه أضحى قدرًا حتميًا لا فكاك منه لكل أمة ولكل شعب يريد أن يؤمِّن بقاءه وحماية مصالحه. والتقدم له شروطه كما أن له أدواته ووسائله. يأتي في مقدمة هذه الشروط شرط توافر الإرادة السياسية القادرة على تكتيل مصادر القوة الوطنية وتفعيلها نحو تحقيق الأهداف المرجوة. يأتي بعدها شرط التخطيط العلمي للتقدم لتأمين تجانس معدلات النمو في الأنواع المختلفة للقوة، تجانس نابع من توازن دقيق بين أنواع القوة يعرف عادة باسم "تجانس
المكانة"، والمقصود به التوازن بين أنواع القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة بشكل أساسي دون إخلال بتوازن أنواع القوة الأخرى البشرية والتكنولوجية والعلمية والمعنوية. لكن مسعى الدول نحو التقدم يبقى محكومًا عادة بحزمة مهمة من المحددات التي قد تجعله تقدمًا ميسَّرًا، وقد تحول دون انطلاقه. هذه المحددات تكمن في الخصوصية الوطنية للدولة وفي طبيعة كل من البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بها.

بهذا المعنى يمكن أن نقول أن مسعى التقدم بالنسبة لكل دولة يبقى محكومًا بمحصلة التفاعل بين مفردات هذه الأنواع الثلاث من المحددات، وهذا الاستنتاج له أهميته القصوى بالنسبة للتخطيط من أجل التقدم، وبالذات بالنسبة للدول العربية.


وأكد محمد البهى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس  اللجنة المسئولة عن إنشاء اتحاد الصناعات العربية " في تصريح خاص فيتو "أنه بالنسبة للمشروع على المستوى الإقليمي فإن الوطن العربي يقع في قلب النظام الإقليمي للشرق الأوسط الذي تتصارع فيه ثلاثة قوى إقليمية كبرى على القيادة والسيطرة هي: إسرائيل وتركيا وإيران. هذه القوى الإقليمية الثلاث تملك كل منها مشروعها السياسي القومي، وتتعامل مع وطننا العربي باعتباره مجالها الحيوي للسيطرة والهيمنة، وتنتهج من أجل ذلك، كل أنواع وأنماط التفاعلات المعتادة في العلاقات الدولية: التعاون والتنافس والصراع، حيثما كان التعاون ممكنًا وكان الصراع مفروضًا. ناهيك عن أن كل من هذه القوى له ظهيره الدولي الذي يسانده،
فتركيا عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي «الناتو» وهي جزء لا ينفصل عن القارة الأوربية ولم ولن تتوان عن هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، واستطاعت أن تفرض نفسها لاعبا إقليميًا قويا وأن تكون طرفا في نادي الدول الإقليمية الصاعدة. أما إيران المقاطعة والمحاصرة سياسيا واقتصاديا من الغرب فقد استطاعت أن تؤسس لنفسها تحالفاتها مع قوى دولية منافسة (روسيا والصين والهند) فهي عضو منتسب لمنظمة شنغهاي للتعاون، وهي قريبة من تجمع دول "بريكس" الخمس (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا). وقد نجحت كل من إيران وتركيا في التغلغل العميق في
القضايا العربية وأن تؤسس لنفسها ارتباطات ومحاور مع دول وأطراف عربية جعلت كل منها شريكا في الشأن العربي. أما إسرائيل فهي جزء لا يتجزأ من العالم الغربي لها مشروعها وأطماعها التوسعية العدوانية، وتلقى الدعم والمساندة الكافية من الولايات المتحدة وأوربا لتحقيق مشروعها القومي على حساب المصالح والأمن القومي العربي.

وأشارت مذكرة المشروع إلى أن البيئة العالمية المضطربة تأتى لتفرض المزيد من التحديات. فإذا كان التوجه نحو العالمية وفي قلبها حرية التجارة العالمية قد فرض نفسه واقعًا علميًا وعمليًا، فإن ظاهرة التكتلات الاقتصادية، وفي القلب منها التكتلات الصناعية أضحت حقيقة يصعب تجاهلها كما هو حال التكتلات التجارية الكبرى خاصة منطقة التجارة الحرة الأوربية (E.F.T.A ( والسوق المشتركة لأمريكا الوسطى (C.C.A.C.M ) ورابطة دول جنوب شرق آسيا (A.C.E.A.N)، واتحاد تكامل أمريكا اللاتينية ( L.A.F.t.A)، والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (E.C.O.W.A.S ) إلى جانب التكتلات
الاقتصادية الجديدة مثل منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (N.A.F.T.A) ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا – الهادي (A.P.E.C) ومنظمة شنغهاي للتعاون، وأخيرا مجموعة "بريكس".

وقالت المذكرة إن هذه البيئة العالمية ذات الطابع المزدوج المعالم بين العالمية والإقليمية التي تعبر عنها في شكل تكتلات اقتصادية عملاقة إضافة إلى خصوصيات البيئة الإقليمية الشرق أوسطية تجعل التقدم المنفرد والمستقل مستحيلًا بالنسبة لكل دولة عربية على حدة، وتفرض حتمية الانخراط العربي في التأسيس لتكتل اقتصادي عربي عملاق له روافده الصناعية والزراعية والتجارية.
وإذا كانت كل تلك العوامل المذكورة تحتم علينا نحن العرب تأسيس تكتل اقتصادي عربي قوي فإن هناك دوافع وتحديات أخرى لها خصوصيتها تفرض علينا الإسراع بتأسيس اتحاد للصناعات العربية.
الجريدة الرسمية