سيدي الرئيس: ادعم صفا ثانيا بإعلام الدولة (3)
في المقالين السابقين تحدثت عن ضرورة عودة الثقة بالإعلام الحكومي، وأن يتقلد راية التجديد، وقدمت لذلك مقترحات بدمج بعض القنوات ببعضها، واستغلال أموال الدمج في إنتاج برامج قوية تصل للجماهير، وفي ضرورة إطلاق قناة مصرية خالصة للأطفال بدلا من القنوات الحالية التي تحمل توجهات مختلفة، وفي المقال الحالي أستكمل مقترحات تطوير الإعلام الحكومي.
رابعا: البدء في اختيار مذيعين ومذيعات مصريين وفق أسس التعدد والتنوع، فنشاهد في إعلام القنوات الأم إعلاميين يمثلون بالشكل واللون واللهجة مختلف أماكن مصر، لست أفهم سبب الإصرار على اختيار مذيعات شقراوات لنشرات الأخبار في التليفزيون المصري، رغم أن غالبية البشرة المصرية خمرية وقمحية وحنطية؟ فلماذا كل هذه الأعين الخضراء والزرقاء؟
خامسا: يمتلك التليفزيون المصري على أرض الواقع أكبر شبكة مراسلين، يمكن لها أن تغطي كل هموم المواطن، وأن تتواصل مع المسئولين لحل هذه المشكلات في إطار المتاح والممكن، وهذا لوحده كفيل لعودة المصداقية والتلاحم، تخيلوا معي لو تبنى التليفزيون دور الوسيط بين المواطن والمسئول في الحي والمدينة والمحافظة والصحة والتعليم والإسكان والمرور، واستطاع أن يحل لو حتى 1% من مشكلات المواطنين بالتنسيق؟ مردود هذا كبير جدا، وأعلم تماما أن دور أي إعلام حكومي هو التسويق لحكومته، لكن هذا التسويق يجب أن يكون متوازنا، وليس هناك أي مصلحة في التستر على فساد موظفين صغارا أو كبارا، وما لن يقوله الإعلام الحكومي سيسمعه المواطن على الإعلام الخاص، فلا بد من اعطاء هامش حرية، ولا بد أن يعمل كل مسئول ألف حساب لأي تقصير عنده يُعرض على التليفزيون الحكومي، أكثر مما يفعل في حالة القنوات الخاصة، إذ يجدر أن يعقب ذلك محاسبة.
سادسا: تخصيص البرامج الساخرة لمواجهة كذب الجزيرة، وما أكثر ما تمتلئ به الجزيرة من تناقضات، لكن لا أحد يعمل عليها، بينما هي تلعب هذه اللعبة، فتأتي بتصريح من هنا وآخر من هناك، والمادة التي تتوفر لفريق اعداد خفيف الدم وبأسلوب (أبي حفيظة) مثلا ليتم به تفنيد تناقضات الجزيرة فسيكون لذلك مردود كبير في الشارع المصري.
سابعا: كان التليفزيون المصري لفترات طويلة هو المصدر الأساسي للنجوم الجدد، من خلال أطفال التليفزيون وغيرها من اكتشاف المواهب، عليه الآن أن يعود لهذا، ما المانع من إنتاج مسلسلات درامية بنجوم جدد، وهو ما يعني أننا لن نحتاج لكلفة باهظة للأجور، بدلا من التمسك بفنانين منهم من لا يستطيع المشي على رجليه، وفي الوقت نفسه تتم معادلة حداثة هؤلاء النجوم باختيار نصوص جيدة، وديكورات متقنة، وتدريبات فنية، تسمح بأن تجعل جميع الممثلين الذين سيظهرون في هذه الأعمال لأول مرة يتصدرون المشهد الفني في المستقبل، وساعتها نكون كسبنا فنا محترما من ناحية، وكسرنا الاحتكار من ناحية أخرى.
أخيرا، لقد كان التليفزيون المصري على مدى تاريخه الطويل منارة تنوير، اجتهد كثيرا في ظل إمكانياته القليلة فقدم أعمالا ضخمة كألف ليلة وليلة، والفوازير وغيرها، مما يعد في ظل ما كان متاحا من إمكانيات تكنولوجية في وقتها إنجازا بكل المقاييس، الآن الفرصة مهيأة عن جدارة لاستعادة الريادة، شريطة التخطيط الجيد، والعزيمة والإصرار، وما هو متاح الآن من إمكانيات كافٍ تماما.
سأكتفي بهذا القدر رغم أن هناك الكثير من المقترحات الأخرى التي يمكنني تقديمها، لكنني لا أرغب لهذه السلسلة أن تطول أكثر من ذلك، حتى أناقش مع القراء في المستقبل موضوعات أخرى إن شاء الله.