رئيس التحرير
عصام كامل

هتدفعوا...هتدفعوا


أطلق الرئيس السيسي هذا المصطلح الحاسم، ومضى في خطابه إلى الجماهير متحدثا عن تحديات بات كل مواطن من العالمين ببواطنها.. مضي الرئيس إلى زوايا أخرى في مستقبل البلاد ولكن المصطلح عاش أكثر مما توقع له السيسي بين منتديات البسطاء والمثقفين.. بين العامة والخاصة.. على مصاطب الريف، وفى صالونات الفلاحين، وعلي مقاهي وسط البلد صاحبة أعلى معدلات النميمة.. في الشوارع والحوارى.. في القري والمدن.

هل كان الرئيس يطلق تحذيرا ؟ هل كان يقصد مجرد النداء؟ هل أراد أن ينبه إلى الدور الاجتماعي لرأس المال؟ هل أراد أن يقول لفئة بعينها ممن تاجروا وربحوا ولم يقدموا شيئا للوطن «ادفعوا بالتي هي أحسن؟».

كل هذه الاستفسارات ناقشتها المنتديات بكامل أطيافها وألوانها.. وأظن أن النتيجة النهائية كانت تصب في اتجاه وحيد.. ادفعوا بالتي هي أحسن وإلا !!

والسؤال: ماذا يملك أن يفعل رئيس في دولة ديمقراطية.. دولة مؤسسات.. دولة قدمت للعالم ثورتين من أجل الحرية والحياة الكريمة؟ ماذا يستطيع أن يفعل رئيس ستكبل يداه بعد انتخاب البرلمان القادم بكثير من القيود؟ ماذا يمكن أن يفعل في محيط دولي لم يعد كما كان أيام عبد الناصر؟.

بالتأكيد لا يمكن للرئيس أن يسقط في مستنقع التأميم، فلا الظروف ولا المناخ الدولي ولا النتيجة التي أفضي إليها التأميم سابقا تغرى على هذا الفعل.. ولا يمكن للرئيس أن يفعل ما فعله الرئيس الروسي القوى فلاديمير بوتين، إذ أن بوتين رئيس لروسيا وهى عصية على التدخل الدولى، إذ أنها من الدول التي تفسر القانون الدولى على مقاسها شأن الدول الكبرى، ومما لا شك فيه أن الرئيس لن يستطيع أن يلجأ أو يعيد فكرة الدولة البوليسية بعد أن جاء بإرادة شعبية نابعة من ثورة تسقط هذا النموذج.

أنقل إليكم ربما ما قلتموه في جلساتكم الخاصة.. هناك ملفات فساد جاهزة وكان من المقرر لها أن تفتح عاجلا إلا أن ناصحين هدأوا من حماسة الرئيس وقد تفتح آجلا.. ساعتها سيدفعون بالتي هي أسوأ.. هكذا يقول الناس في الشوارع وفي أحاديثهم الجانبية وهكذا يتفق العامة والخاصة.

لو كان الأمر كذلك، فهل هناك ملفات غير ملفات تسقيع الأراضي وتراخيص صناعات كبرى واستفادات من برامج حكومية كانت تدعي تشجيع الصادرات وقوانين سهلت أو تساهلت مع رجال فرص وليس رجال أعمال ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل هناك ما يحول دون فتح تلك الملفات؟..

تقول الحقائق إن الرئيس جاء بظهير شعبى منقطع النظير، وأن ما يفعله في هذا الملف يقينا سيرفع من أسهمه لدى الطبقة التي يجاهد من أجلها ورجال الفرص يعلمون أن الأموال لا تشترى أوطانا وأن تجربة الهروب أقسى من أن تحتمل.

يكفي أن نذكر برؤساء دول هربوا من بلدانهم بكنوز الدنيا، وانتهى بهم المطاف إلى الدفن في مقابر صدقة بعد أن ابتزهم الغرب وجردهم مما ملكوا وعاشوا غرباء وماتوا غرباء وأيقنوا أن الأموال التي نهبوها لم تصنع لهم أمنا ولم تشتر لهم وطنا.. أغلب الظن أن مواجهة قاسية قادمة في الطريق، وأغلب الظن أن أجهزة رقابية في البلد تعمل ليل نهار.. وأغلب الظن أن هناك ملفات جاهزة فعليا.. وأغلب الظن أن هناك من يقول للرئيس «سر على بركة الله واكشف ما كان مستورا».. وأغلب الظن أن تقاعس رجال الفرص والانتهازية يدفع الرئيس إلى حيث لا يرغب!! 
الجريدة الرسمية