رئيس التحرير
عصام كامل

كلنا ميزو


"الشيخ ميزو لمن لا يعرف هو محمد عبد الله نصر الشهير بخطيب التحرير الذي شغل مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية ولمن لا يعرف أيضا فاسم "ميزو" كما يقول صاحبه عن نفسه أنه لم يكن يحمل هذا الاسم قبل ذلك وإنه ولد سليما معافى كامل النمو سليم العقل "أشك في هذا" ولكن الإخوان والسلفيين عجزوا عن مناظرته كما ادعى فاجتمعوا ليلا رغم ما بينهم من خلاف واتفقوا فيما بينهم على إطلاق اسم "ميزو" عليه تقليلا من شأنه واستهانة به وتحقيرا له ونيلا من مكانته العالية، ولم يكن السلفيون والإخوان وحدهم الذين استهدفوا شخص الشيخ ميزو بل شاركهم في النيل منه الأزهر والأوقاف حسب خيال ميزو "الواسع" واتفق الجميع على القضاء عليه وحصار أفكاره التي ستريح البشرية من القضايا الخلافية وستضع حلا لاختلافات الفقهاء.

هكذا ببساطة رأى الجميع أن "ميزو" أصبح يشكل خطرا على الأمن القومى ويجب التصدى له حفاظا على المجتمع من الضلالات التي يرددها، والتي لا أعرف ما معنى كلمة الضلالات، ولكن هذا ما قاله الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر، ودخل معه على الخط صبري عبادة وكيل وزارة الأوقاف موجها كلامه للشيخ ميزو"اسكت ياولد واسمع" وانضم إليهم في مداخلة هاتفية الشيخ خالد الجندى، الذي اتهمه ميزو أنه يحمل سبحة بأربعة آلاف جنيه ويمتلك ملايين الجنيهات وأنه مشغول بالبيزنس أكثر من الفتوى مما أغضب الجندى واعتبر أن وصف هذا الميزو لكتاب الإمام البخاري بأنه مسخرة "خزعبلات" وكان حاضرا في المشهد أيضا وزير الأوقاف الذي ردد جملته الجاهزة هذا ليس إماما ولا أزهريا، ويجب القبض عليه، وهكذا ببساطة نسي وزير الأوقاف أن دوره يتوقف عند حدود الكلمة والموعظة الحسنة وفجأة تقمص دور ضابط الشرطة.

فوزير الأوقاف المسئول الأول عن ظهور الداعية "ميزو" وأمثاله بإهماله إعداد الأئمة بشكل جاد وحقيقي، وتقديم الإسلام الوسطى، ولكن اعتبر أن مهمة إغلاق المساجد أسهل كثيرا بدعوى مطاردة أئمة الإخوان.

مشهد الخناقة التي اندلعت خلال الأيام الماضية بين الشيخ ميزو ومعارضيه كان موحيا للغاية ويعبر عن الصورة التي وصلنا إليها حيث يوجد "ميزو" في كل مكان، فالمعايير الموضوعية لم تعد موجودة والسب أصبح الوسيلة الوحيدة للحوار والتفاؤل أصبح اللغة الرسمية والتجاوز أصبح مبدأ علماء الدين، والجميع يغنى بدون علم، ويصر على موقفه عن جهل، وأصبح الشيخ "ميزو" نموذجا متكررا في السياسة والاقتصاد والثقافة والفن والرياضة، تحدث كما تريد فلن يراجعك أحد بإظهار حجتك، هذا يحدث ببساطة لأننا نتحدث جميعا في نفس واحد ولو أننا لدينا قضايا كبري نعمل على إنجازها لما انشغلنا بهذه التفاهات والخزعبلات والهلاوس والشيخ ميزو.
الجريدة الرسمية