رئيس التحرير
عصام كامل

تظاهرات "الحلل" آخر وسيلة سلمية للثورات.. أوانى الطهى أجبرت رئيس الأرجنتين على التنحى وهددت عرش مبارك ومجلس الشعب.. وأشعلت العصيان المدنى ضد حكم الجماعة فى مدن القناة

تظاهرة بالحلل للتنديد
تظاهرة بالحلل للتنديد بحكم الرئيس مرسى

تعبيرا عن الغضب.. والتزاما بقيود السلمية التى تفرض تجدد وتنوع وسائل الاحتجاج دون عنف.. ودعما لمبدأ رسخه المماليك فى مصر يقول إن "خبط الحلل"، هو احتجاج صامت على الفقر والجوع والشعور بالظلم.. فقد انطلقت فى أنحاء مصر وخاصة بالعاصمة تظاهرات الأوانى النحاسية والألومنيوم التى تصدر ضجيجا يعبر عن ثورة غضب سلمية فى مواجهة نظام مستبد.


شهد عام 2002 أضخم تظاهرة بالأوانى النحاسية، عندما احتشد العديد من النساء والأطفال فى الأرجنتين وتظاهروا أمام محال السوبر ماركت مرددين هتافات: "نريد أن نأكل نريد أن نأكل"، وكالعادة خرجت الحكومة ووسائل الإعلام تتناول الحديث عن "الفوضى" وعن ضرورة إعادة بناء النظام، فخرج بعدها الرئيس دولاروا يعلن فرض حظر التجول، وهو ما أدى إلى حرمان المواطنين من حقوقهم المدنية وفرض الرقابة على وسائل الإعلام، ثم انطلقت آلة القمع تتصرف كيفما تشاء، ما أدى إلى طرق الجماهير على الأوانى والحلل فى بيوتهم وبعدها بساعة واحدة قام مليون مواطن بتحدى حالة الحصار وامتلأ ميدان بلازا دومايو بالآلاف مرددين بصرخات عالية: نريد أن نأكل.

تصاعدت حدة التظاهرات التى لم تتخل عن سلميتها ولم تستخدم سلاحا سوى أوانى الطهى، وبعدها تم إقالة وزير المالية الأرجنتينى، ما فجر الأوضاع داخل البلاد لتعنت الرئيس وتمسكه بالسلطة لتخرج الثورة الأرجنتينية عن سلميتها وتحرق المبانى الحكومية والمنشآت حتى تنحى الرئيس.

واستخدمت الأوانى فى تظاهرات المصريين لأول مرة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، عندما تظاهر عمال شركة "أمونيستو"، الذين هرب مالك مصنعهم بقروض بنكية وأغلقت البنوك المصنع، وكانت تظاهرات العمال أمام مجلس الشورى بشارع القصر العينى ولم ينطقوا خلالها بأى كلمة ولكن حملوا الحلل وأوانى الطعام الفارغة وقاموا بالطرق عليها بصورة هيستيرية، ما تسبب فى ضوضاء عالية حتى هدد أعضاء مجلس الشورى بتعليق العمل حتى تحل أزمة العمال.

عادت تظاهرات الأوانى إلى مصر مرة أخرى، وتعود مرة أخرى فى عهد الرئيس محمد مرسى فى تظاهرة نسائية أمام مجلس الوزراء دعت لها عدد من الناشطات احتجاجًا على ظاهرة ارتفاع الأسعار التى اشتعلت بشكل مفاجئ خلال الفترة الأخيرة، حيث قادت الإعلامية والناشطة السياسية بثينة كامل والناشطة سالى تومة حشدا من السيدات للتظاهر بـ"الحلل والأطباق"، أمام مقر مجلس الوزراء بشارع القصر العينى الأمر الذى أذهل المارة والمتابعين للوقفة.

توالت بعدها مشاهد التظاهر بالأوانى والحلل، فقد نظمت مجموعة أطلقت على نفسها "الطبخوية"، وقفة أمام مقر رئاسة مجلس الوزراء رافعين الحلل احتجاجا على الأوضاع المعيشية، وردد خلالها المتظاهرون شعارات "عايزين ناكل".

 وتظاهرة أخرى شهدتها محافظة الإسماعيلية، عندما نظم مجموعة من النشطاء وقفة احتجاجية رفعوا خلالها الأوانى الفارغة والملاعق تعبيرا عن غضبهم لارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، وطالب المحتجون خلالها الأجهزة التنفيذية بالتدخل لضبط الأسعار ومراقبة الأسواق وتحديد حد أدنى للأجور، وردد النشطاء والمشاركون فى الوقفة هتافات تندد بسياسة الحكومة من أبرزها: "غلوا السكر غلوا الزيت غلوا كل لوازم البيت".

انتقلت عدوى تظاهرات "الحلل" فى مصر إلى الإسكندرية، حينما شاركت عشرات السيدات فى وقفة احتجاجية بأوانى الطهى اعتراضا على ما وصفوه بـ"تزوير الاستفتاء"، على مشروع الدستور الجديد وللمطالبة بـ"مدنية الدولة".

 قامت خلالها السيدات بالطرق على أوانى الطهى المختلفة منها "الحلل" و"الصوانى" و"الطاسات" و"الهون"، لإحداث ضجة للفت الانتباه إليهن وللتأكيد على حق النساء فى المشاركة السياسية رافعين لافتات احتجاجية عليها: "لا للدستور" و"مصر دولة مدنية" و"صوتى مش عورة".

أخيرا.. وصل قطار تظاهرات الأوانى إلى مدن القناة التى خرجت فيها آلاف النساء يتظاهرن بالأوانى وأدوات الطهى ضمن مشاركتهن فى العصيان المدنى، فيما قرر تحالف إنقاذ الثورة رفع أوانى الطهى الفارغة فى المحافظات كشعار لتظاهرات العصيان المدنى التى أوشكت على الانتقال لعدة محافظات منها القاهرة والجيزة والإسكندرية والغربية والشرقية، احتجاجًا على سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية التى تمر بها البلاد فى ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين.. فهل يتكرر سيناريو الأرجنتين وتمنح أوانى الطهى للمعارضين ما يتمنون وتسقط النظام؟!
الجريدة الرسمية