طريق ابتزاز المصريين...مسدود!
يخطئ رجال الأعمال الذين لم يستجيبوا لدعوة الرئيس السيسي لدعم مصر في أزمتها، اعتقادا منهم أن مجال المناورة للتهرب من هذا الاستحقاق ما زال ممكنا.
لقد حاولوا منذ إعلان فوز الرئيس في الانتخابات الرئاسية، أن يفرضوا على الدولة التي تغافلت عن أخطائهم وخطاياهم الاستمرار في الانحياز الكامل لهم على حساب الملايين من البسطاء أصحاب الدخول المحدودة، خاصة أنهم رحبوا بالرئيس الجديد ودعموا حملته خلال معركته الانتخابية.. رغم أنه لم يكن في حقيقة الأمر يحتاج إلى مساندتهم لأن المصريين جميعا -ما عدا قلة مارقة- كانوا يقفون خلفه، بل إن دعم هذا الفريق من رجال الأعمال، كان يمثل عبئا كبيرا على المرشح الرئاسي لأن الشعب يدرك مدى مساهمتهم في إفساد الحياة السياسية في مصر..
وعلى غير توقعات هذا الفريق أعلن الرئيس السيسي أنه منحاز للفقراء من أبناء الوطن، وأنه حريص على أن يقف ضد الاستغلال والفساد.. وأن يساهم الأثرياء في تحمل أعباء التنمية.
واجتمع الرئيس مع رجال الأعمال وأوضح لهم أنه لن ينقذ مصر سوى إقامة مشروعات قومية كبرى، وأن عليهم أن يساهموا في إقامتها سواء بالتبرع.. أو بالمشاركة.
وأوضح لهم أنه لن يفرض على أحد منهم التبرع اعتمادا على حسهم الوطني وإدراكهم لحجم التحديات التي تواجه مصر.
راهن الرئيس على وطنيتهم وتصور أنهم سيتسابقون إلى تمويل تلك المشروعات، ولكنه فوجئ بأن عددا محدودا من رجال الأعمال الوطنيين بادر إلى التبرع، علما بأنهم لم يساهموا في نشر الفساد، بينما من حصل على أراضٍ بملاليم بحجة زراعتها وتوفير الغذاء للمصريين، ثم قام ببيعها بالملايين كمشروعات سياحية وسكانية ومن احترف التهرب الضريبي مستغلا الثغرات القانونية.. وفساد بعض العاملين في عدم دفع الضرائب المستحقة عليه للدولة..أداروا ظهورهم لنداء الرئيس..
استفاد هذا الفريق من رجال الأعمال من دعم الطاقة التي حصلوا عليها بأسعار منخفضة لمصانعهم، وقاموا ببيع منتجاتها بالأسعار العالمية، وبذلك حصلوا على أرباح لا تتوفر لهم في أي دولة أخرى، دون أن يدفعوا استحقاقات الوطن.
ولم يتضح الآن إذا ما كان هذا الفريق من رجال الأعمال، استوعب رسائل السيسي إليهم بأنه جاد في دفعهم إلى المساهمة في صندوق تحيا مصر «هتدفعوا.. هتدفعوا» أو أنهم عزموا على الاستمرار في ابتزاز الدولة بسحب استثماراتهم من البورصة كما حدث بعد انتخاب الرئيس وكاد يؤدي إلى انهيارها، أو التهديد بغلق مصانعهم والاستثمار في إحدى الدول الأخرى.
وفي كل الأحوال فإن الاقتصاد المصري لن يخسر كثيرا بالتخلص من النماذج الفاسدة، بل سيشجع رجال الأعمال الشرفاء الذين أبعدوا عن الساحة في عهد مبارك لعدم إجادتهم ألاعيب الفاسدين، ثم أبعدوا في زمن الإخوان الذين استأثروا بمعظم المشروعات لرجالهم.
والخطوة الرئيسية التي يجب أن تتخذها الحكومة لتشجيع الشرفاء من رجال الأعمال، هي أن تسعى لاسترداد الأموال المنهوبة وألا تترك من نهبوها دون عقاب، وبذلك تستعيد الثقة في مناخ الاستثمار الذي تلوث وأصابه العطب، كما تطمئن المصريين جميعا بأن الفقراء لن يتحملوا وحدهم أعباء التنمية.