قصتان..وكوارث..ومخبول..والحكم لرئيس الوزراء !
الأولى تقول:
كان الوقت كافيا جدا لكي يذهب صديقنا إلى محل لصيانة أجهزة المحمول..قبل أن يعود إلى فندق "المدينة" الواقع في شارع سيدي جابر في المسافة من محطة قطار إلى محطة جامع سيدي جابر قبل المنطقة الشمالية العسكرية..أسرته تنتظره في محطة مصر بالقاهرة ليعودوا جميعا إلى أسيوط بلدهم وموطنهم..أبلغه "أخصائي" المحمول أنه سيحذف كل ما على الهاتف الحديث مرتفع الثمن..قال له صديقنا إن عليه ذكريات عديدة..أكثر من ألف رقم لأصدقائه في مصر والخليج حيث كان يعمل..نقلها واحتفظ بها من جهاز إلى آخر..وبها صوره وأسرته في العمرة وبها رحلته الممتدة بين القاهرة والإسكندرية ومناطق أخرى..وعليه فيديوهات ووثائق ورسائل مهمة ومسحها جميعا مستحيل..!! قال له المهندس إذن عليه أن ينقلها عنده ثم يعيدها بعد تحديث الجهاز.. وتغيير "السوفت وير" وكأن أحدا لم يقترب منها..
بدأ المهندس في خطواته.. يبدو وكأنه واثق من نفسه متمكنا مما يفعل..نقل كل البيانات وقد استغرقت وقتا في تنزيلها..ها هو يعيد الجهاز إلى نقطة الصفر ليحدثه من جديد..وما أن اقترب من ذلك حتى انقطعت الكهرباء..!! وأصبح صاحبنا بين خيارين..كلاهما زفت..إما أن يلحق بالقطار وبه مقعده وتذكرته في جيبه ويترك ذكريات العمر...أو أن يترك القطار ويحتفظ بهاتفه سليما وما عليه كله!
القصة الثانية تقول:
أنه اعتاد أن يذهب إلى سوهاج عبر طريق الجيش الشرقي..أجمل طرق مصر..ولأنه من سكان الهرم ولأنه لديه مبلغا ليس قليلا يريد أن يودعه في البنك الذي يتعامل معه..والذي يقع على تقاطع المريوطية مع شارع الهرم باعتباره في طريقه والأقرب لكوبري المنيب ومنه إلى طريق الجيش..فإنه يريد أن ينهي كل شىء قبل حلول الظلام..الطريق وكل الطرق غير آمنة الآن بما يكفي والمشوار طويل..والأهل ينتظرونه في استقبال عائلي كريم بما لذ وطاب من كل شىء..وصل بعد الثالثة..
الحمد لله هذا البنك هو الوحيد الذي يعمل يوميا حتى الخامسة..وما زال الوقت ممكنا للحاق بالطريق قبل أن يذهب نور النهار..انتظر دوره..وقف أمام محاسب البنك..أعطاه المبلغ الذي سيتحول تلقائيا إلى "الفيزا ".. تسلم المحاسب الأموال وقبل أن يمنحه الايصال..انقطعت الكهرباء!! ولأن كل شىء بات إلكترونيا لم يتمكن صاحبنا من الانصراف قبل الحصول على ما يثبت تسلم أمواله منه..خلاف ذلك فمستحيل..كما أن الانطلاق إلى الصعيد في غير الطريق الزراعي حتى لو كان طريقا للجيش..فمستحيل أيضا..وفشلت الرحلة وفشل الاستقبال العائلي !!!
في مصر الآن..ويوميا..يحدث مثل ذلك وأخطر..وسبق أن قلنا عن الآلاف الذين تحتجزهم المصاعد ويتعرضون للموت فيها..وغيرهم ممن تنقطع الكهرباء والأجهزة تعمل في أسنانهم ومنهم من يعملون عمليات جراحية صغيرة كخياطات الغرز وغيرها..ومع ذلك لا مجيب..ولأن أمر الكهرباء مزمن وقد يستغرق حله وقتا..اقترحنا تنظيم قطع التيار..كأن يكون في آخر عشر دقائق على نهاية الساعة..كأن يكون مثلا في الحادية عشرة وخمسين دقيقة..أو الثانية عشرة وخمسين دقيقة..أو الواحدة وخمسين دقيقة وهكذا..
أو بأي توقيتات أو وسائل أخرى..المهم توفير الفرصة لأن يتجنب الناس مواطن الخطر في الوقت المحدد سلفا..فإذا انقطع التيار صار هم انقطاعه بسيطا..لا يطول أرواحهم ولا حياتهم ولا مصائرهم ويتوقف عند عكننتهم ومضايقتهم..ولكن..لم يستجب أحد..وها نحن نعيد الاقتراح لرئيس الوزراء..وما نعرفه عنه أنه يسمع ويناقش..فمتي يناقش أمرا كهذا..يتسبب في أذي شعبه كل يوم بعدد يفوق الصلوات الخمس..؟؟
ارحموا الناس..ولا تفسدوا عليهم فرحتهم بإنجازات كبري..وكأنكم أسندتم أمر قطع الكهرباء لمهندس "مخبول" على أحد التقديرات..و"مهبول" في تقديرات أخرى..هدانا الله وإياكم!