الدكتور محمد فراج أبو النور الخبير بالشئون الروسية لـ"فيتو": زيارة السيسي إلى روسيا هامة.. ملف التسليح على قمة المناقشات.. الحديث عن تحالف ثلاثي كامل بين مصر وموسكو والسعودية سابق لأوانه
قال دكتور محمد فراج أبو النور الخبير في الشئون الدولية والروسية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الجاري إلى روسيا مرتبطة بأشياء ومهام عملية ملحة، ومعروف انها تأتي في وقت يشهد تصاعد الهجوم الارهابي على عدد كبير من الدول العربية، العراق، سوريا، لبنان، اليمن، بالاضافة إلى حالة تدمير الدولة في ليبيا والنشاط الإرهابي الجاري في مصر.
واشار فراج لـ" فيتو" إلى أن من أهم الموضوعات المطروحة في الزيارة هي صفقة التسلح التي تعد غاية في للأهمية بالنسبة لمصر، ومن أهم الملفات التي سيتم تناولها خلال زيارة الرئيس السيسي.
ولفت إلى أمر هام رافق هبوط الرئيس في مطار سوتي، ومرافقة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف له، حيث أطلعه على نماذج من الأسلحة الروسية في المطار، وفور هبوط الطائرة.
ويرى أن هذه إشارة ذكية من جانب الطرفين لإظهار ان التسليح واحد من أهم أهداف هذه الزيارة، خاصة في ظل وجود لوسائل الاعلام.
واوضح أبوالنور أن الإرهاب الذي تعاني منه المنطقة يحتم هذه الاستعدادات خاصة أنه ليس نشاط عصابات ارهابية صغيرة، أو نشاط محدود، لكنه نشاط كبير، عابر للحدود، فيمكن الحديث عن جيوش إرهابية و مليشيات ارهابية كبيرة، وهو الأمر الذي يطرح ضرورة تعزير القوى العسكرية المصرية.
وتابع:"من المعروف ان وزيري الدفاع والخارجية الروسيين كانا في زيارة لمصر نوفمبر الماضي،إضافة إلى ان الرئيس السيسي وقت ان كان وزيرا للدفاع زار موسكو مع وزير الخارجية آنذاك نبيل فهمي، وتم مناقشة قضايا التعاون في مواجهة الإرهاب، وضرورة تعزيز القوة العسكرية للجيش المصري وتسليحه، وأشارت التقارير الإعلامية على نطاق واسع إلى صفقة تسلح قيمتها من ٢: ٢.٥ مليار دولار".
موقف مضاد للإرهاب
ويوضح :معروف ان روسيا لديها موقف مضاد للإرهاب، وكذا جماعة الاخوان المسلمين، وصدر ضدهم احكام قضائية، وصدر قرار من البرلمان الروسي باعتبارها جماعة ارهابية، وبالتالي وقوف روسيا مع ثورة ٣٠ يونيو كان معلن حتى ان صورة بوتن رفعت الى جوار صور جمال عبدالناصر، السيسي في الاسكندرية بمظاهرات شعبية.
ويكمل:"هناك وضع إقليمي ضاغط كبير يدعو إلى ضرورة تعزير القوى العربية في مواجهة الهجمة الارهابية الشرسة، المدعومة من الخارج، فمن الواضح ان هذه الهجمة ليست قوى أو جماعات دينية متطرفة، وإنما أيدي الدعم الخارجي فيها واضحة، وهناك حديث كبير عن دعم أمريكي وتركي، وتمويل قطري، وبالتالي تكون قضية التسلح هامة جداً".
ويلفت إلى أن النقطة الثانية تتمثل في التعاون الأمني المباشر في مواجهة الإرهاب، بمعنى التعاون البوليسي، المخابراتي، سواء من خلال تبادل المعلومات، و روسيا من الدول التي لديها ملفات غنية جداً للإخوان المسلمين، القاعدة، او غيرها من هذه التنظيمات، لانها اكتوت طويلا بهذه النار سواء في أفغانستان، أو منطقة الشيشان والقوقاز جنوب روسيا،أو من زاوية اخري وهي ان روسيا دولة متقدمة تكنولوجيا ولديها وسائل أمنية متطورة للاستشعار والاستكشاف عن بعد، وحرس الحدود، الرؤية الليلية، التنصت والتتبع، وكل هذه الأمور التي تستخدمها لحماية حدود طويلة تبلغ طولها حوالي ٥ آلاف كم.
ملف التسليح
وأكد أن أهم البنود التي يجب الإشارة إليها في صفقة التسلح، والتي تضم صواريخ مضادة للطائرات، وللدورع، وعتاد عسكري وغيره، بندين ، يتمثل الأول في : ٢٤ طائرة ميج ٢٩، وهي طائرة متطورة وتمثل بديل للطائرة الامريكية أف ١٥، ونحن أقصى طائرة حصلنا عليها هي اف ١٦، ولم نحصل على ١٥.
أما البند الثاني فيتمثل في : طائرات ميح ٢٨، ميج ٢٥ المروحية الهجومية، والتي تمثل بديلا لطائرات الأباتشي التي ترفض الولايات المتحدة تسليمها إلينا، مشيرا إلى أنه وكما هو معرف يأن هناك صفقة ب ١٠ طائرات أباتشي، إضافة لطائرة أباتشي أرسلت لإجراء صيانة لها في الولايات المتحدة، فاحتفظوا بها ورفضوا إعادتها، مع العلم بأننا في الصحراء الشاسعة في سيناء او الصحراء الغربية نحتاج اليها، فنحن في أمس الحاجة لأدوات مكافحة الإرهاب.
وحول إذا ما كانت زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا في أول زيارة خارجية له خارج الإطار العربي، هي رسالة للولايات المتحدة خاصة بعد عدم تلبيته للدعوة الامريكية لحضور القمة الافريقية الاخيرة التي عقدت هناك، يقول:" هي رسالة للعالم كلة بأن مصر لن تترك قرارها رهنا لإرادة الولايات المتحدة الامريكية، وإنما ستبحث عما يحقق مصالحها في كل مكان في العالم، فنحن لا نستغني بأحد عن أحد، ولا نحاول ان نبتز طرفا بآخر، لكن نبحث عما يصون كرامتنا واستقلالنا الوطني، وحرية قرارنا، وارادتنا، والبدائل التي تحقق مصالحنا، شأننا شأن أي دولة في العالم، وبالتالي من يريد أن يحسب ان هذا التوجه ضمن مصالحة فهو حر فنحن ندافع عن مصالحنا".
الملف الاقتصادي
وفيما يتعلق بالملف الاقتصادي المطروح خلال الزيارة يشير أبو النور إلى أن الملف الاقتصادي في زيارة الرئيس السيسي و ما أعلن منه فقط متخم جداً، لكن هناك كثير مما لم يعلن، وان كان يمكن استنتاجه من التقارير المطروحة.
ويشير إلى أن بيننا وبين روسيا علاقات اقتصادية قديمة، متعددة الجوانب، فلدينا الكثير من المصانع التي بنيت بتكنولوجيا سوفتية، وتحتاج إلى صيانة و تجديد، من بينها مصنع اتخذ القرار فعلا بشأن تجديده وهو مصنع الحديد والصلب، وأتصور ان موضوع تجديده سيكون مطروح في الزيارة، وكذا غيره من المصانع، كمصنع الألومنيوم، وغيره من شركات القطاع العام، إضافة إلى شركات التصنيع الحربي، وهذه نقطة هامة جداً، خاصة انه لم يتم تجديدها وإحلالها من فترة طويلة.
ويلفت الى ان من الموضوعات التي ستكون مطروحة على جدول أعمال القمة المصرية الروسية في الملف الاقتصادي يتمثل في مصر في للتنقيب عن البترول والغاز، خاصة ان روسيا لديها خبرات تكنولوجية كبيرة، ونحن نواجه عقبات في مصر مع الشركات المنتجة للنفط والمنقبة، لانها عقدت معنا اتفاقيات بشروط مجحفة بمصر، ثم أصبحنا في مديونية لها، واعتقد الشركات الروسية لديها مالية جيدة، وهي شركات كبيرة جداً، كشركة روس نفط، وغيرها.
ويضيف :" هنالك قضية أشارت اليها تقارير إعلامية متناثرة، وهي تحاط بقدر كبير من التكتم، وهي قضية محطة الضبعة، والرئيس السيسي ومنذ حملته الانتخابية أعلن اهتمامه بموضوع استئناف العمل في مشروع الضبعة، وإنشاء محطة نووية، وجرت جهود كبيرة لإخراج السكان من المناطق التي حاولوا الاستيلاء عليها، وتعويضهم وإعادة بناء المنشآت العلمية والبحثة التي كانت فيها".
ويشير إلى أنه قد يتم طرح تكليف روسيا ببناء محطة الضبعة بالأمر المباشر دون مناقشات مرة اخرى إعلامية، او اي شيء آخر.
ويقول: روسيا باعتبارها دوله عظمى متطورة لديها صناعة نووية متطورة، واستفادت كبيرة مما جرى من انفجار لمحطة تشارنوبل ٨٦ ويتم الان بناء محطات بأقصى إجراءات ودرجات السلامة، ومحتمل جداً الاتفاق او بحث هذا الموضوع.
و حول فكرة بدء تشكل تحالف ثلاثي روسي مصري، سعودي وإذا ما كان مطروح بالفعل، خاصة وان زيارة السيسي لروسيا تأتي بعد زيارته للسعودية مباشرة يقول:"الحديث عن تحالف قد يكون في وجه الإرهاب، لكن حديث عن تحالف شامل دولي أعتقد أنها قد تكون سابقة لأوانها".
تحالف ثلاثي
ويضيف:" هناك تحول كبير في الموقف السعودي، لابد من رصده، وهو ما أشار اليه الاعلام الروسي خلال زيارة الرئيس السيسي الى موسكو عندما كان وزيرا للدفاع بأن السعودية والإمارات تعهدات بتمويل صفقة السلاح الروسي لمصر، والتي قيمتها من ٢ : ٢.٥ مليار دولار، ومن هنا نستطيع ان نفسر مغذى هذا الترابط الزمني لزيارة الرئيس السيسي إلى الرياض يوم الأحد ثم ذهابه إلى موسكو الثلاثاء، ومعروف أنه نوقشت خلال اللقاء قضايا الامن العربي ومعروف أنه اتفق على مؤتمر دولي لمواجهة الإرهاب، وأشكال التقارب السياسي والأمين والتنسيق على المستوى الدولي في مواجه الإرهاب تتزايد وتشير الى تقدم مهم في علاقات التعاون".
ويؤكد :" الحديث عن التحالف يمكن ان تركه للمستقبل، لكن الامر الواضح الان أن الذي تواجهه المنطقة هو خطر الإرهاب، وان الصديق الأكبر لنا هو روسيا، والجهه التي تشير اليها أصابع الاتهام بدعم الإرهاب في المنطقة، ولا تنكر هي علاقتها بالكثير من المنظمات، وخصوصا الاخوان المسلمين هي الولايات المتحدة الامريكية، والجهة الداعمة للإرهاب في سوريا والعراق مثلا هي قطر التي تمول داعش، وتدبر امر توريد الأسلحة اليها، مؤكدا هذا التقارب والتعاون الذي لا استبعد ان يصل الى تحالف في مواجهة الإرهاب".