رئيس التحرير
عصام كامل

إشارات للنائب العام ولوزير العدل


مثل غيرى كنت أعرف أن نظام مبارك لا يترك الحرية لأحد. وبالذات للنائب العام أو القضاء. وكان يجد مخرجا قانونيا لكل من يريد ويفعّل القانون ضد كل من يريد. وقماشة القانون واسعة تتحمل التأويلات. ومن ثم مثل غيرى كنت أرى أن عزل النائب العام السابق مطلب ثورى. لكن كغيرى كنت أتمنى لو أتى النائب العام الجديد بالطريقة القانونية . وكنت أتصور أن الطرق مفتوحة بين الرئاسة ومجلس القضاء الأعلى بل النائب العام القديم نفسه ليخرج معززا مكرما – كغيره – ويأتى النائب العام الجديد بالشكل الذى لا يحتج عليه أحد لا من القضاء ولا النيابة ولا الساسة.

لم يكن ذلك صعبا وهنا كان يتميز مبارك - شوفولنا طريقة قانونية وماتوجعوش دماغى - هكذا أتصوره يتكلم . لكن حتى إذا تجاوزنا ذلك كله . فما أسمعه عن النائب العام يجعلنى أسأله . ألا يخدش ثوبك القانونى يا سيدى ما يقال. حادثة المستشار الجليل مصطفى خاطر مع المتهمين أيام معركة قصر الاتحادية الأولى . وأخيرا النائب الذى ترك التحقيق مع متهمى قسم بولاق أبوالعلا وأعلن أنك تريد منه ألا يفرج عنهم . صحيح أنك فى كل مرة تصدر بيانا يقول إن ذلك لم يحدث . وإن الإفراج أو الحبس مسئولية المحقق . لكن تكرار ذلك ومن رجال النيابة يترك أثرا سيئا على ثوبك . وثوبك القانونى هو ما سيبقى لك.
هل من الصعب يا سيدى أن تسد كل الطرق أمام تشويه ثوبك. هل من الصعب أن تفتح تحقيقا مع من اعتدوا على المعتصمين أمام الاتحادية أول مرة ومن جمعهم من البلاد ليفعلوا ذلك ومن ظهرت صورهم يعذبون الناس على اختلاف أوضاعهم "خفير" و"سفير" وما بينهما . هل ستعبر الكتب التاريخية عن ذلك ولن تقول إن تحقيقا لم يحدث فى كذا وكيت . ليتك تطلب من أحد أن يأتى إليك بكتب التاريخ التى كتبها مؤرخون كبار مثل عبدالرحمن الرافعى وعبدالعظيم رمضان وطارق البشرى ومحمد أنيس وغيرهم . لترى ماذا يقولون عن كل من قصّر أيام الثورات والانتفاضات الكبرى فى تاريخ مصر.
لا شىء يا سيدى يضيع . والأمر سهل جدا إذا نظرت إلى نفسك . نفسك فقط ولا شيء آخر وسألت نفسك السؤال. هل من راحة نفسية يمكن أن يفوز بها الإنسان وهناك من يقول عنه إنه ليس محايدا ويعلن ذلك فأضطر إلى تكذيبه وهو من رجال النيابة التى أنا على رأسها . وهل حين يتكرر ذلك لن يصدقه أحد . وما الفائدة التى ستعود عليّ واسمى يقرن بعدم الحياد ومن رجالى .ربما يا سيدى لو فعلت ذلك أخذت نفسك بعيدا إلى مكانها الذى لا يشوهه أحد لا فى قول ولا فى مقالة ولا فى كتاب.
هذا عن السيد النائب العام . أما السيد وزير العدل فأنا أعرف أنه قانونيا لا يستطيع التدخل فى أعمال النيابة أو القضاء . فلماذا لا يلتزم الصمت السياسى خاصة أن ما يقوله يبرر أخطاء لم يرتكبها هو فيبدو موافقا على ما يحدث . يقول عن التعذيب والسحل إن ستة أو سبعة رقم كويس إذا قسنا الأمر على عهد مبارك بينما العدل ألا تحدث حادثة واحدة . ويقول إن محمد الجندى مات فى حادث سيارة قبل ظهور تقرير الطب الشرعى ثم يقول إن تصريحه هذا كان خطأ لكن الذى أبلغه هو وزير الداخلية . يا سيدى لقد أصبحت أنت الذى فى الصورة لسبب بسيط جدا أن وزارتك اسمها العدل ولأن لك تاريخا كان دائما موضع احترام .وليتك أيضا تنظر إلى نفسك وتسألها السؤال لماذا أتحمل كل هذا العبث من حولى وفى هذه السن التى تحتاج إلى الراحة . الراحة يا سيدى هى مكسبك العظيم الذى سيبقى لأنك مهما فعلت فلن يأتى بنتيجة إيجابية أبدا . لأن الثورة وصلت إلى مفترق الطرق بين النظام والمعارضة وقريبا بين النظام والشعب كله حين تغرقنا السياسة الاقتصادية فى مستنقع الفقر الشامل.
الجريدة الرسمية