رئيس التحرير
عصام كامل

سيدي الرئيس: ادعم صفا ثانيا بإعلام الدولة (2)


في المقال السابق تحدثت عن ضرورة وجود صف إعلامي ثان، يكون على قدر مسئولية اللحظة التاريخية، خاصة في ظل ما نراه من تخبط وأداء إعلامي لا يتناسب مع احتياجات مصر في اللحظة الراهنة، ولما قلت إن الشارع المصري قد وصل لمرحلة التشبع الكاملة من الأوجه التي كانت سيدة المشهد الإعلامي من قبل يناير ثم من بعد يناير، ثم قبل يونيو ثم بعد يونيو، ثم يرغبون بأن يستمروا حتى الآن على أنهم أبطال اللحظة الحالية، رغم أن الشارع المصري في اشتياق كبير لخطاب مغاير مختلف ولو على سبيل التغيير، وفي احتياج لرؤية دماء شابة جديدة بقدرة ووعي وتلاحم مع المواطنين في الطرقات، ولما كانت القنوات الخاصة – من وجهة نظري – لا تدافع إلا عن مصالح خاصة متعلقة بها، فإني أشرت لضرورة تطوير إعلام الدولة، ولضرورة عودة ثقة المواطن المصري مع الإعلام الحكومي، ولا بد أن يقود الإعلام الحكومي في المرحلة القادمة تغيير الخطاب الإعلامي، وفي هذا المقال سأكمل مقترحات تحقيق ذلك.

أولا: لا بد من دمج الكثير من قنوات التليفزيون المصري معا، فالكلفة الباهظة الموزعة على أكثر من 10 قنوات فضائية وغيرها أرضية، هي كلفة تشتت جهود التليفزيون، وتجعله منهكا اقتصاديا في ظل عدم قدرته على المنافسة الإعلانية أيضا، لماذا كل هذا العدد؟ خاصة وأن الأغلبية الآن لا تشاهد القنوات الأرضية، والقنوات الإقليمية يتم نقلها على الفضائيات، يمكن إذن دمج بعض القنوات المتخصصة مع قنوات أخرى، على أن تفرد لها مساحة خاصة في القناة التي ستدمج بها.

ثانيا: بهذه الطريقة تصبح إمكانيات قناة كاملة بعدما تم دمجها في قناة أخرى، مسخرة لبرنامج أو اثنين على أقصى تقدير، ومع تركيز الجهد وتوفير ماليات الإنتاج، أتوقع أن يكون صدى هذا البرنامج أكثر تأثيرا من قناة كاملة قد لا يشاهدها أحد إلا من له حوار عليها، وسأضرب مثالا بالنيل الثقافية، لو ألغيت القناة كقناة كاملة، ووظفت إمكانياتها في إنتاج أفلام وثائقية، وبرامج ثقافية تتلاحم مع الموطنين، ويكون لها برنامج مباشر يقدم على القناة الأم مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، أعتقد أن تأثيرها سيكون أكبر مما هو حاليا، ولو أردتم التأكد من صحة كلامي، فكم من قراء مقالي يستطيعون أن يذكروا لي اسم برنامج أو اثنين من برامج النيل الثقافية، وهكذا الحال مع العديد من القنوات.

ثالثا: يمكن استثمار الأموال التي ستتوفر عن طريق دمج بعض القنوات معا، في إطلاق قناة مصرية للأطفال، وهذا أمر هام، ولو تابع أي شخص ما يتم تقديمه من قنوات خاصة للأطفال لعرف حجم الكارثة، فالقنوات إما شيعية تغرس مفاهيم معينة، أو أجنبية تباعد بين الطفل وبين منظومة واقعه، وعند وجود ميزانية تسمح بإطلاق قناة مصرية للأطفال، وهي الميزانية التي ستتوفر من دمج بعض القنوات معا، لا بد من توظيف الأوجه الشابة والمواهب المصرية في تقديم برامج هذه القناة من كارتون، ومسابقات، ومعلومات، وأفلام وثائقية مبسطة للأطفال بإنتاج حصري للتليفزيون المصري. فهذا سيثمر في عودة تلاحم شعور الوطنية والانتماء للوطن، فأنا مثلا أتذكر تماما كم كنت أنتظر من الجمعة للجمعة لكي استمع لبرنامج سينما الأطفال، أو لمشاهدة ماما نجوى، أو الاستماع يوميا لحكايات الأبلة فضيلة، هذه القناة هامة جدا للغرس في أطفالنا منذ الصغر قيم الوطنية والولاء، وإنقاذهم من الاختطاف لصالح قيم أخرى.
وللحديث بقية إن شاء الله. 
الجريدة الرسمية