رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة إلى «السيسي»: احذر من المستنقع الليبي.. مؤشرات على تكرار سيناريو اتفاقية «الطائف».. الطبيعة القبلية تهدد بمذابح جماعية لـ«جنود الجيش المصري».. والأفضل البحث عن سبل

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

كثرت الأحاديث خلال الفترة الماضية والتصريحات المتضاربة، حول احتمالية التدخل العسكري المصري في ليبيا، بهدف التخلص من الميليشيات المتطرفة واستعادة الاستقرار للدولة الشقيقة، علاوة على تأمين حدود مصر الغربية.. وهبت أصوات سياسة وإعلامية ترمي لهذا الاتجاه، سواء بدوافع وطنية أو من خلال الجهل بخطر تورط الجيش المصري في المستنقع الليبي.


وحرصا على مصلحة مصر العليا، واستشعارا بالخوف على جنود مصر، وبهدف تحذير القيادة السياسية في البلاد، من السقوط في هذه الدوامة، ترصد "فيتو" خلال هذا التقرير، نقاط الخطر الرئيسية للتراجع عن خطوات ربما تكون قد اتخذت تجاه الفخ المنصوب.

الغرب يورط العرب

ارتفعت مؤشرات الضربة العسكرية الغربية الوشيكة، من خلال حلف الأطلسي، وبرهن عليه حرص الدول الأوربية وأمريكا على التسريع في إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من العاصمة – طرابلس- وهو ما يؤكد أن المطبخ الغربي شرع في توجيه هذه الضربة، وبالطبع هذه المرة ليست –الضربة- بهدف الديمقراطية والثروات والربيع العربي إلى ذلك من المصلحات الرنانة التي اعتمدها "برنار ليفي" للترويج لنشر الفوضى هناك.

وعزز هذه الفرضية تصريحات السفيرة الأمريكية "ديبور جونز" التي كشفت فيها عن ترجيحات قوية لهذه الضربة، مؤكدة أنها سيعقبها تواجد قوات حفظ سلام عربية وأفريقية، صحيح أنها لما تشير إلى أسماء هذه الدول، لكن بات واضحا أن مصر والجزائر على رأس الجيوش المرجحة للمشاركة في هذه المهمة، خاصة أن تقريرا سابقا لصحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية، عزز فرضية دخول جامعة الدول العربية على خط التوافقات حول الأزمة القائمة.

طائف ليبي

دخول الجامعة العربية على هذا الخط تزامنا مع تصريحات رئيس الوزراء الليبي "عبد الله الثني"، بتقبل بلاده فكرة دخول قوات عربية لحفظ السلام، واحتياجها إلى "طائف ليبي" على غرار الاتفاق الذي تم سابقا بالمملكة العربية السعودية برعاية عربية، سمح لقوات النظام السوري بدخول لبنان لفرض الأمن، عقب الحرب الأهلية.

ما حدث للنظام السوري إبان هذه الحقبة، وتحول الداخل اللبناني ضد قوات الجيش السوري، ومخاصمة العرب لدمشق، وتلويح الغرب بالتدخل العسكري، يجب أن يدق جرس إنذار للرئيس عبد الفتاح السيسي، من الوقوع مجددا في هذا الفخ، فاليوم ستدخل القوات المصرية وسط الترحيب والتهليل، وغدا ستعود محملة بمرارة الدم المسال، خاصة لطبيعة الشعب القبلية هناك.
القاعدة والقبائل

منذ ميلاد ما يعرف بتنظيم القاعدة مثل الليبيون أهم رجال زعيم التنظيم، ونجحت القاعدة في التغلغل داخل القبائل الليبية، واجتذاب أبنائها، وهو ما سبب الظهور السريع والمعلن لعناصر "أنصار الشريعة" هناك، دون تفكير أو تردد، علاوة على الجماعة الإسلامية المقاتلة التي يتربع زعماؤها الآن على رأس هرم السلطة ومنها عبد الكريم بلحاج، والذي لقي دعما شخصيا من السيناتور الأمريكي "جون ماكين".

هذا الخليط، بين القاعدة والقبائل يؤكد أن طلقة من بندقية مصرية تجاه عنصر متطرف، سوف يتبعه وابل من العمليات الثأرية التي تتبناها قبيلته، بغض النظر عن مهمة الجنود سواء المصرية أو الجزائرية.. وهو الأمر الذي دفع أمريكا للإحجام عن فكرة التدخل البري عقب قصف قنصليتها في بنغازي واغتيال سفيرها على يد العناصر المتطرفة، واكتفت بعملية سرية لاختطاف "أبو أنس الليبي" القيادي البارز في تنظيم القاعدة والمتورط الرئيسي في الهجوم، لقناعة واشنطن الأكيد بخطر المستنقع الليبي، وعدم رغبتها في تكرار تجربتها في الصومال.

الأمن القومي المصري

صحيح أن دعم الأشقاء العرب ضرورة تنبع من الدور المصري الإقليمي التاريخي، لكن التوقيت والظروف الراهنة فيما يتعلق بالأمن القومي المصري، والذي أصيب جسده بالعلل على خلفية الفوضى التي اجتاحت البلاد خلال الأعوام الأربعة الماضية، وتمكن التنظيمات المسلحة من تنفيذ عدد من العلميات التي أراقت دماء رجال الشرطة والجيش، وفي ظل وجود تنظيم يقف بظهر الدولة مستلا خنجرا مسوما بهدف التحين للفرصة لطعن البلاد، ونشر الفوضى الخلاقة لإعادة رئيسه المعزول إلى الحكم.
بالإضافة إلى ذلك فإن تواجد القبائل الليبية بالداخل المصري، والاتصال الفكري بين العناصر المتطرفة هنا وهناك، سوف يسهل على أعداء الداخل تكبيد الدولة داخليا مزيدا من الدم، وقيام الماكينة الإعلامية لجماعة "الإخوان" على تشويه الجيش المصري وإظهار ضعفه الداخلي نتيجة انشغاله بالتدخل في دول الجوار.

سبل الدعم
ما تم سرده في سياق هذا التحليل، لا يعني تخلي القاهرة عن دورها الإقليمي تجاه الأشقاء العرب، وتأمين حدودها، في ظل المخاطر الحقيقية التي تعبر إلينا من البوابة الغربية، لكن هذا الدعم يجب أن يظل تحت مظلة آمنة.
وبحس مراقبين لشأن المنطقة، فإن القبائل الليبية نفسها والشعب الليبي، هو المالك الوحيد لمفاتيح إنهاء هذه الأزمة، والتواصل مع هذه القبائل، وجنود الجيش الليبي الشرفاء، وتقديم دعم عربي كامل لهم في صراعهم ضد هذه العصابات، ومعاونة الدولة على بناء المؤسسات عبر الخبرات المصرية، وسائل تمثل سبل العبور الآمن من هذه الأزمة التي تسعى بعض الأطراف في زج مصر وتوريطها بداخلها.
الجريدة الرسمية