«فؤاد سراج الدين» آخر باشوات مصر.. حاز على لقب «أشهر باشا» بعدما ألغته ثورة 1952.. خاض معارك سياسية ضد قوات الاحتلال والملك.. مارس السياسة في زمن العولمة.. «الثورة خيبت الآمال

يعتبر فؤاد سراج الدين "90 عاما" آخر باشوات مصر، وزعيم حزب الوفد المعارض الذي قضي رحلة حياته في نضال سياسي وكفاح ضد الاستعمار البريطاني والملك في الأربعينيات من القرن الماضي مرورا بمعاداة رجال الثورة في الخمسينيات ثم التصدي للعولمة في أواخر حياته.
أشهر باشا
"سراج الدين" أشهر "باشا" بعدما ألغت ثورة 23 يوليو 1952 ألقاب «الباشوية»، وكان الباشا الوحيد الذي مارس السياسة في زمن «العولمة» من خلال رئاسته لحزب الوفد.
ويمتلك فؤاد سراج الدين تاريخًا نضاليًا طويلًا، فرافق في طفولته زعيم الوفد المصري مصطفى باشا النحاس وشارك معه في تمزيق معاهدة 1936 في الإسكندرية عندما أعلن النحاس باشا أنها دون الطموحات المصرية في تحقيق جلاء الاستعمار البريطاني التام عن مصر، وكان سراج الدين من أخلص الوفديين وأكثرهم ولاء لمؤسس الحزب سعد باشا زغلول.
مناصب وزارية
تولى مناصب وزارية أكثر من مرة، فكان وزيرًا للزراعة ثم المالية والداخلية والشـؤون الاجتماعية والمواصلات في الفترة ما بين عامي 1942 و 1952
وهو صاحب القرار التاريخي عندما كان وزيرًا للداخلية بإصدار تعليمات لجهاز الشرطة في الإسماعيلية بالتصدي لقوات الاحتلال البريطاني والتي راح ضحيتها عشرات من أبناء الشرطة، واعتبر يوم 25 يناير من كل عام عيدًا للشرطة المصرية، وكان أصغر وزراء مصر سنًا وكان عمره 32 عامًا عندما تولى منصب وزير الداخلية.
وفي حكومة الوفد في الفترة من 1942 إلى 1944 طلب سراج الدين الاعتذار عن عدم تولي منصب وزير الداخلية، لكن مصطفى باشا النحاس زعيم الحكومة أصر على إسناد المنصب إليه.
خاض العديد من المعارك السياسية الطاحنة ضد قوات الاحتلال والقصر الملكي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، مما جعله يتبوأ مكانة كبيرة في قلوب المصريين.
وكان أصغر نائب في مجلس النواب عن محافظة كفر الشيخ القريبة من القاهرة وموطن عائلته في منطقة «كفر الجرايدة»، وكان عضوًا في مجلس النواب منذ عام 1936 إلى 1942 ثم مجلس الشيوخ في 1946 وكان زعيمًا للأغلبية الوفدية بمجلس الشيوخ قبل ثورة يوليو 1952 وصدرت ضده أحكام بالسجن عقب الثورة لمدة 15 عامًا أمضى منها 3 سنوات ثم بعد ذلك وضعه مجلس قيادة الثورة تحت الحراسة بحجة أنه يمثل "العهد السابق".
مذكرات سراج
كتب زعيم الوفد مذكراته تحت عنوان «من ذكريات فؤاد سراج الدين»، لتؤرخ لحقبة مهمة من تاريخ مصر السياسي، وخلال هذه المذكرات بالتحديد في حديثه عن ثورة يوليو 1952 قال: "إن الثورة نسبت لنفسها إنجازات الوفد، ووصفها بأنها ثورة خيبت آمال المصريين".
وعقد مقارنة بين نظرة الوفد للعدالة الاجتماعية والتطبيق الاشتراكي في عهد الثورة الذي قال "إنه دمر القطاع الخاص"، بينما كان الوفد يحترم الرأسمالية الوطنية، وكان في ذات الوقت يتصدى لأي استغلال من جانبها، وضرب أمثلة بذلك أن أحمد عبود باشا رغم نفوذه المالي رسب في الانتخابات البرلمانية التي أجريت بدائرته «أرمنت» جنوب مصر عام 1950، وقال: "رغم أنه كان صديقًا لعبود باشا إلا أنه أجبره على استثمار أمواله داخل أرض الوطن".