رئيس التحرير
عصام كامل

غزة تستغيث في ذكرى رحيل عاشق فلسطين.. «محمود درويش» حلم بلم الشمل العربي من خلال «أوراق الزيتون».. «ريتا» قصة حب «الغائب الذي لم يحضر».. «ناجي العلي»

 الشاعر الفلسطيني
الشاعر الفلسطيني محمود درويش

"في أحشائها ملح وماء" كلمات حفر بها اسمه في قلوب محبيه، إنه محمود درويش الشاعر الفلسطيني عابر السبيل، والذي يعتبر اليوم هو الذكري السادسة لوفاته بعد 67 عامًا قضاها مكافحًا نحو هدفه، عاشقًا لوطنه، معتزًا بعروبته، مدافعًا عن قضيته، حاملا قلمه ليعبر عن مواقفه وآرائه دون خوف أو تردد.


ولم يكن درويش موعودا لحب عظيم، لكنه عاشق كبير، ولم يكن محاربا لكنه انتصر أكثر من مرة منذ مولده في مارس 1941 وحتى رحيله بهيوستن الأمريكية في 2008.

وظلت فلسطين عالقة بملامح وجه الشاعر وخطواته وبقصائده حتى وإن كان يتحدث عن تجربة عشق أو حب، وأصبح مقرونا بها أينما حل.

حلم "محمود درويش" دائمًا بلم الشمل العربي، فكتب ديوان «أوراق الزيتون»، والذي ضم فيه قصيدته «بطاقة هوية» مؤكدًا فخره بعروبته رغم تخاذل العرب في نصره القضية الفلسطينة، فقال:«سجل.. أنا عربي.. ورقم بطاقتي خمسون ألف.. وأطفالي ثمانية.. وتاسعهم سيأتي بعد صيف.. فهل تغضب».

وأضاف:«سجل.. أنا عربي.. أنا اسم بلا لقب.. صبور في بلاد كل ما فيها.. يعيش بفورة الغضب.. جذوري.. قبل ميلاد الزمان رست.. وقبل فتح الحقب.. وقبل السرو والزيتون.. وقبل ترعرع العشب.. لا من سادة نجب.. وجدي كان فلاحًا.. بلا حسب ولا نسب، يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتاب.. وبيتي كوخ ناطور من الأعواد والقصب.. فهل ترضيك منزلتي».

"هو الغائب الذي لا يحضر، وأنا المشتاق الذي لا أنسى" جملة لخص بها قصة حب لم تكتمل مع الفتاة اليهودية "ريتا"، التي أهدى لها إحدى قصائده قائلًا: "بين ريتا وعيونى بندقية، والذي يعرف ريتا ينحنى ويصلى لإله في العيون العسلية.. هي امرأة موجودة أو كانت موجودة، تلك هي قصة حقيقة محفورة عميقًا في جسدى، في الغرفة كنا متحررين من الأسماء والهويات القومية والفوارق، ولكن تحت الشرفة هناك حرب بين شعبين "، فكان يرى أن اليهود بشر لا بد من التعامل معهم فهم ليسوا ملائكة وليسوا شياطين.

ناجي العلي

لا أعرف متى تعرفت على ناجى العلى، ولا متى أصبحت رسومه ملازمة لقهوتى الصباحية، ولكن الذي أعرفه أنه جعلنى أبدأ قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة.. هكذا قال "درويش" عن فنان الكاريكاتير الفلسطينى، وأحد الرموز الوطنية، ناجى العلى، الذي ارتبط معه بصداقة قوية لسنوات طويلة مبديًا إعجابه به، رغم اختلافهما فكريًا وانتقاد "العلى" له في إحدى رسوماته الكاريكاتيرية.

"عصافير بلا أجنحة، أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل، مطر ناعم في خريف بعيد، يوميات جرح فلسطيني، حبيبتي تنهض من نومها، محاولة رقم 7، أحبك أو لا أحبك، مديح الظل العالي، هي أغنية، لا تعتذر عما فعلت، حصار لمدائح البحر وشيء عن الوطن" هذا جزء من إرث درويش" الفنى من القصائد، بعد أن اكتشف موهبته الشاعر والفيلسوف اللبنانى روبير غانم، الذي نشر قصائده في الملحق الثقافى لجريدة "الأنوار"، لتتحول بعضها إلى أغنيات وأناشيد لماجدة الرومى، وجورج وسوف، ومارسيل خليفة.

البروة

ففي قرية فلسطينية تقع في الجليل تسمى "البروة" ولد درويش عام 1941 لاسرة بسيطة كانت تملك أرضًا، وفى عام 1948خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان، وعندما عادت متسللة بعد الهدنة عام 1949 وجد قريته مهدمة وتحت قبضة إسرائيل.

انتسب محمود درويش إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وعمل في صحافة الحزب، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر بعد إنهاء تعليمه الثانوي، واعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية أكثر من مرة، بدءًا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي حتى عام 1972، ثم توجه إلى الاتحاد السوفيتي السابق للدراسة، وفي العام نفسه انتقل لاجئا إلى القاهرة والتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن وصل لبنان.

وعمل رئيسًا لتحرير مجلة "الشئون الفلسطينية" ومديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير ثم أسس مجلة "الكرمل" 1981، كما شغل "درويش" منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وكانت إقامته في باريس إلى أن سُمح له بالعودة إلى فلسطين بعد اقتراح قدمه بعض أعضاء الكنيسيت الإسرائيلى العرب واليهود.

اعتقاله

اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 وتوجه إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام والتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ثم لبنان وعمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا بأنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاقية أوسلو، كما أسس مجلة الكرمل الثقافية.

حلم

"أعترف بأنى تعبت من طول الحلم الذي يعيدنى إلى أوله وإلى آخره دون أن نلتقى في أي صباح"، ففي أغسطس 2008 غادر شاعر المقاومة الفلسطينية عالمنا، الذي رأه بنظرته المختلفة، بعد إجرائه لعملية قلب مفتوح في الولايات المتحدة، وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الحداد 3 أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على من وصفه بـ"عاشق فلسطين"، "رائد المشروع الثقافي الحديث" و"القائد الوطني المعطاء".
الجريدة الرسمية