رئيس التحرير
عصام كامل

«أمريكا تدق طبول الحرب».. أوباما وبوش وجهان لعملة واحدة.. «داعش» حجة أوباما لإعلان التدخل العسكري في العراق.. «الأسلحة النووية» طريق بوش إلى بغداد 2003.. كاطو: التدخل الأ

 الرئيس الأمريكي،
الرئيس الأمريكي، باراك أوباما

تدق الولايات المتحدة الأمريكية طبول الحرب في العراق من جديد، بعدما أجاز الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، توجيه ضربات جوية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية"، إلى جانب إسقاط مساعدات إنسانية لأقليات عراقية محاصرة بواسطة مليشيات التنظيم المتشدد شمال العراق.

وقال الرئيس الأمريكي: "صرحت مرارًا أمريكا لا يمكنها التدخل لدى اندلاع أي نزاع في العراق، لكن عندما نمتلك إمكانيات فريدة للمساعدة في تفادي مجزرة، أعتقد أن الولايات المتحدة لا يمكن لها تجاهل ذلك"، مضيفًا: "يمكننا التحرك بحرص ومسئولية لمنع إبادة جماعية".

جدير بالذكر أن الربع الأخير من سنة 2003 وبعد أشهر قليلة من سقوط البوابة الشرقية للأمة العربية تحت الاحتلال، سخر الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جورج بوش، وطاقمه من المحافظين الجدد وفي مقدمتهم وزير دفاعه دونالد رامسفيلد ووزير خارجيته كولن بأول، من تحذيرات العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين من أن المقاومة العراقية التي استمرت وتصاعدت بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003 لن تتوقف مهما كانت طبيعة المخططات والمناورات الأمريكية التي ستنفذ داخل العراق أو خارجه.

وخلال السنوات الإحدى عشرة التي مرت على احتلال بلاد الرافدين، جربت واشنطن وحلفاؤها كل الأساليب لوقف المقاومة وتشويه صورتها بعد أن أنكر حكام البيت الأبيض حتى وجود مقاومة عراقية.

ونسبوا العمليات العسكرية ضدهم أحيانًا للمتطوعين الأجانب وعدد ضئيل من أنصار حزب البعث وتارة لتنظيم القاعدة، وغير ذلك من الأكاذيب التي برعوا في نسجها منذ أن شرعوا في سنة 1991 في حربهم الأولى بهدف تدمير العراق كقوة إقليمية قادرة على تهديد إسرائيل.

المقاومة العراقية
المقاومة العراقية كبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة خاصة خلال السنوات الست التي تلت سقوط بغداد، ومع مرور الأشهر والسنين وجد الاحتلال أنه مهدد ليس فقط بخسارة الحرب في العراق، بل أدرك المحافظون الجدد المتحالفون مع الحركة الصهيونية أن مشروع الإمبراطورية الذي وضعوه مهدد، ومعه مخطط الشرق الأوسط الكبير وحتى القوة الأمريكية العسكرية والاقتصادية والسياسية.

وفي شهر مارس 2008 كشف الاقتصادي الأمريكي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، جوزيف ستيجليتز، في كتاب له أن تكلفة حرب العراق، التي دخلت في ذلك التاريخ عامها السادس، تضاعفت ثلاث مرات بالمقارنة مع الأعوام السابقة، لتصل إلى 12 مليار دولار شهريا.

وتوقع سيتجليتز، والكاتبة المساعدة، ليندا بيلميز، أن تكلف حربا العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى التواجد العسكري طويل الأمد في الدولتين الذي تخطط له واشنطن، الخزانة الأمريكية ما بين 1700 مليار دولار إلى 2700 مليار دولار، أو أكثر بحلول عام 2017، وذلك في "أفضل الأحوال"، وإذا ما تم تطبيق سيناريوهات "واقعية ومعتدلة"، كما أوردت وكالة الأسوشيتد برس.

زيادة على ذلك، تضيف الفائدة على قروض تمويل الحرب وحدها مبلغ 816 مليار دولار إلى التكلفة، وفق المصدر نفسه، وتفوق تلك التصورات توقعات "مكتب الموازنة بالكونجرس" الذي رجح أن تصل تكلفة الحربين إلى ما بين 1200 - 1700 مليار دولار بحلول عام 2017، سيذهب ثلاثة أرباعها للعراق.

التضليل
وخلال السنوات العصيبة التي واجهها الاحتلال جربت واشنطن أسلوب التضليل للبحث عمن يقوم محليًا بمهمة مواجهة المقاومة بشكل فعال وهكذا طبقت عبر حلفائها في بغداد فكرة إنشاء قوة عسكرية عراقية جديدة وهذه المرة من رجال العشائر السنة تحت تسمية "الصحوة" لقتال تنظيم القاعدة، وهو التوصيف الذي ألصقته واشنطن بكل وحدات المقاومة التي تشكلت من ستة فصائل رئيسية موزعة على أساس انتمائها للجيش العراقي الذي كان مكونًا من زهاء 480 ألف جندي، والذي حله الحاكم الأمريكي في العراق بول بريمير.

وسجلت الإدارة الأمريكية نجاحًا مرحليًا بخلق ما سمته "صراعات المقاومة العراقية" التي ذكرت تقارير البنتاجون أنها صراعات اشتعلت بين كبرى فصائل المقاومة العراقية ما بين عام 2006 وحتى أواخر 2008.

وأضافت أن: الصراعات اشتعلت بين الأجنحة السلفية في المقاومة ممثلة بدولة العراق الإسلامية المنبثقة من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وأميرها أبو عمر البغدادي، وبين أجنحة الإخوان وعشائر الأنبار مثل الجيش الإسلامي في العراق وحماس العراق وجماعة أنصار السنة في العراق وكتائب ثورة العشرين وجيش الراشدين وجيش المجاهدين، وبقية مجاميع الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية. 

ودارت رحى المواجهات أساسًا في الأنبار وجانب الكرخ من بغداد، ونجمت الصراعات شيئًا فشيئا في تقلص جهود مقاومة الاحتلال الأمريكي وخاصة تلك التي يقودها ضباط الجيش وقيادات حزب البعث، وفقدت المقاومة الأراضي التي كانت تسيطر عليها وتأثرت هيمنتها بضربات الصحوات التي بلغ عدد رجالها 100 ألف رجل عام 2008 كان الجيش الأمريكي يمولهم بـ 200 مليون دولار شهريًا.

تحجيم المقاومة
وطبقًا لتقدير البيت الأبيض بأنه نجح في تحجيم المقاومة العراقية وإقامة نظام حليف له في بغداد، أعلن عن نهاية مهام جيشه القتالية في بلاد الرافدين. 

فيوم الأحد 18 ديسمبر 2011، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها أنهت رسميا سحب قواتها من العراق بعد تسع سنوات من اجتياحه، وأشارت إلى أن عدد الجنود الأمريكيين في العراق بلغ ذروته عام 2007 بانتشار 170 ألف جندي، ليبقى منهم إثر عملية الانسحاب 157 جنديًا سيساعدون على تدريب القوات العراقية.

ولكن مع بداية صيف سنة 2014 حدثت المفاجأة التي أذهلت الكثيرين وأعادت إلى الأذهان صورة الانسحاب أو الفرار الأمريكي من سجون عاصمة جنوب الفيتنام بتاريخ 30 أبريل من عام 1975، فقد استولت وحدات مختلفة من المقاومة العراقية على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بعد بغداد ومراكز أخرى وأخذت تزحف نحو العاصمة.

وفي هذا السياق وعقب إعلان الرئيس الأمريكي عن الحرب في العراق مجددًا، قالت نيويورك تايمز: "إن أوباما بهذا القرار وجد نفسه تحديدا في المكان الذي لم يرغب أن يتواجد به".

وتشير الصحيفة إلى أن تفويض الجيش الأمريكى كان محدودًا بشكل أكبر من الحالات السابقة، وركز بشكل أساسى على إلقاء الماء والطعام، إلا أنه يفوض أيضا في حالة الضرورة بهجمات ضد المسلحين المتطرفين الذين يتقدمون نحو آربيل وغيرها يهددون بالقضاء على آلاف من غير المسلمين الذين تقطعت بهم السبل على قمة جبل بعيد.

كما أن أوباما أمضى شهورًا يقاوم هذا القرار، فحتى بعد سيطرة تنظيم داعش على الفلوجة ومدن أخرى غرب العراق في بداية العام، ثم اتجاهه نحو الموصل في الصيف، لم يعرب الرئيس عن أي حماس لعمل عسكري أمريكي.

تنظيم صفوف الجيش
ومن جانبه أكد اللواء عبد المنعم كاطو، الخبير الإستراتيجي، أن تنظيم داعش بالعراق ليس تنظيمًا ضخما لهذه الدرجة التي تتطلب التدخل العسكري ولكنه يتميز بالشراسة والدموية ويقوم بالقتل والتمثيل بالجثث بعد قتلها وقطع الرءوس والأيدي والأرجل، ولا يرحم شيخًا أو امرأة أو طفلًا.

وأضاف أنه يعتبر من ليس على عقيدته "كافرًا" مباحًا قتله، وأن السبيل الأمثل للتصدي لهذا التنظيم ووقف توغله في العراق وامتداده لباقي الدول العربية، هو قيام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بإعادة تنظيم صفوف الجيش وتشكيل حكومة ائتلافية بها تمثيل مناسب للسنة العراقيين الذين يشعرون بالاضطهاد وعدم الانتماء للنظام.

وشدد "كاطو" على رفضه التدخل العسكري الأمريكي في العراق للمرة الثانية، مؤكدًا أن التدخل لن يصب في صالح الأمة العربية والإسلامية.

الجريدة الرسمية