.. وهنا عز النهار !
كانت مشكلة مصر تنحصر بين كلمتين..لا فرق بينهما سوي ترتيب الحروف المتشابهة.. لكنهما يعملان عمل السحر لو تلازما وتكاملا وعملا سويا في نسق واحد، وكنا دائما نقول إن مشاكلنا معروفة ومدروسة ونستطيع حلها بسهولة لو توافرت الإرادة، وكنا نقصد بالإرادة (الإرادة السياسية) التي تأتي من قناعات الحاكم أو الرئيس أو الحكومة بضرورة الحل أو البدء في اتخاذ إجراءات الحل دون توقف، وهذا ما لم يحدث طوال السنوات السابقة لا من رئيس ولا من حكومة إلا فيما ندر وفي بعض القضايا غير المركزية أو الاستراتيجية التي تساهم في حل مشاكل مزمنة جبنوا من الاقتراب منها أو مجرد المساس بها خوفا على مقاعدهم في السلطة وتقربا للصوت العالي الذي كان يخوفهم من الشعب !!
فشاخوا على مقاعدهم حتى فشلوا في إنقاذ الوطن الذي كاد أن يسقط وينهار كما انهارت عصا سليمان بفعل السوس الذي نخر فيها، كما كنا نقول دائما إن أزمة مصر في غياب الإدارة الرشيدة التي تشكل جوهر الحكم الرشيد، فكان نصيب مصر من غياب هذه الإدارة ضياع ثرواتها وعدم تعظيم قدراتها الذاتية وإهدار الكثير من الفرص حتى وصف البعض الفترة السابقة على طول سنواتها بسنوات الفرص الضائعة في كل شيء !
كان غياب الإرادة السياسية في تحقيق الاستقلال الوطني على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كفيلا بأن تتراجع قدرات الوطن في كل شيء، ويغيب دورها الرائد في كل المجالات، وكان غياب الإدارة الرشيدة في الوزارات والهيئات وكل قطاعات الدولة كفيلا بتحقيق فشل غير مسبوق في مشروعاتنا الوطنية والقومية ولدينا هنا مثالان واضحان.. مشروع توشكي وخط مترو الأنفاق الأول والثاني وبينهما صورة مرافق الدولة ومؤسساتها المتهالكة !!
لم ينج من الكارثة غير بعض الهيئات الحكومية ذات الطبيعة المدنية الخاصة والمؤسسة العسكرية، وهنا نتوقف طويلا أمام المؤسسة العسكرية حيث لا مكان في مصر يوحي بالثقة والالتزام والمسئولية والانضباط والشفافية غير هذه المؤسسة والتي يدل على كفاءتها الكثير من الأعمال المدنية التي تقوم عليها وتنفذها ناهيك عن باقي أعمالها التي لا نعرفها أو نراها، فكل الطرق الجديدة التي نسير عليها، وكل المنشآت التي ترتفع في السماء بسرعة وبدقة، وكل الكباري والجسور ذات الكفاءة العالية، كل هذا يتم تحت إشراف وإدارة المؤسسة العسكرية وكثير منها من تصميم رجال وخبراء هذه المؤسسة الوطنية العريقة.
في 5 أغسطس الجاري تلازمت الإرادة السياسية الحقيقية مع الإدارة الرشيدة في الحلم المصري - قناة سويس جديدة وتنمية المحور كله - الذي راود الشعب المصري كثيرا وكلما حاول المصريون تحقيقه هرب وتسرب من بين أصابعه كما يتسرب الماء، وكلما قبضنا عليه نكتشف أننا قبضنا على الريح فلا نجد بأيدينا شيئا، الإرادة السياسية ظهرت وتجلت في قرار الرئيس السيسي، وفي تحديد موعد الانتهاء من المشروع العملاق قبل ضربة أول فأس فيه، وفي اختصار المدة الزمنية من ثلاث سنوات في أحسن التقديرات إلى سنة واحدة، وفي استجابة المسئولين عن التنفيذ بلا تبرم أو ضيق أو إبداء التردد وكانت الإجابة (علم وينفذ يا فندم )..
هذه هي الإرادة السياسية الحقيقية التي افتقدناها طويلا وغيابها ضيع علينا الكثير من الغالي والنفيس، وجاء إشراف المؤسسة العسكرية على المشروع الحلم ليحقق المعني الصحيح للإدارة الرشيدة من حيث الدقة والالتزام في المواعيد والشفافية والانضباط في التسليم، ونحن نعلم جميعا مدي الثقة التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية بين الشعب المصري.
جيلي الذي قارب على الرحيل هو من الأجيال المحظوظة التي كانت شاهدة على إنجاز مشروعات قومية عملاقة توافرت لها الإرادة السياسية والإدارة الرشيدة كالسد العالي ومشروعات البنية التحتية التي تعيش عليها مصر حتى الآن منذ الستينيات، ويبدو أن جيلي يأبي الرحيل قبل أن يشهد إنجاز الحلم المصري المتمثل في قناة السويس الجديدة والتنمية الشاملة لهذا المحور حتى يحكي عنا الأبناء والأحفاد أن الآباء والأجداد عاشوا لحظات فخار مصرية تشعرهم بالزهو والانتماء.
أحاديث الإفك والبهتان، ورطرطة الرافضين الخير لمصر، وسبوبة الفاشلين والموتورين الذين لم يجدوا في الورد عيبا فقالوا له يا أحمر الخدين لن تفلح هذه المرة مع الشعب المصري فقد رأينا وسمعنا ووثقنا في الله وفي سياسة الرئيس الواضحة ونحن معه وبجواره ومن خلفه ومن أمامه، غدا سنقول بعلو الصوت ( كان نهار الدنيا مطلعشي.. وهنا عز النهار ) وتحيا مصر.