رئيس التحرير
عصام كامل

تقرير فلسطيني حول «أزمة غزة»: إسرائيل تركز على قتال «حماس» والمدنيون يدفعون الثمن.. تل أبيب تقمع أي مظاهرة تحتج على العدوان.. وهتافات عنصرية من اليهود لـ«إبادة العرب».. و

قصف غزة
قصف غزة

أصدر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، تقريرا حول الخطاب العام في إسرائيل خلال الحرب الحالية على غزة، أكد فيه أنه يركز على القتال ضد حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ويغيّب معاناة المدنيين الفلسطينيين، الذين يدفعون أبهظ الأثمان، سواء بعدد الشهداء المرتفع للغاية أو بالدمار الرهيب جراء القصف الإسرائيلي العنيف.


وأشار التقرير إلى أن إسرائيل لا تخفي تعمدها التسبّب بهذه الأهوال، وأن ذلك يندرج ضمن عقيدة قتالية تطلق عليها اسم "عقيدة الضاحية"، في إشارة إلى تدمير الضاحية الجنوبية في بيروت، معقل حزب الله، خلال حرب لبنان الثانية في العام 2006.

ولفت التقرير إلى أنه يرافق هذا العدوان الوحشي، تفاقم لمظاهر العنصرية بين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في قطاع غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل، ورفض أية مظاهر احتجاجية مناهضة لهذه الحرب، خاصة لدى عرب الداخل، كما ترافق هذا العدوان مظاهر فاشية ضد احتجاجات اليسار الإسرائيلي، ومعظمه من اليسار غير الصهيوني.

وأوضح التقرير أنه وفي مقابل هذه الاحتجاجات، يخرج متظاهرون يهود للتعبير عن تأييدهم للحرب ويهتفون بشعاراتهم العنصرية والفاشية وفي مقدمتها "الموت للعرب"، وحتى أن عدسات الكاميرات وثقت ارتداء بعضهم بلوزات النازيين الجدد في أوربا، التي كتب عليها شعار النازيين الجدد في ألمانيا "Good Night Left Side" (تصبحون على خير أيها اليساريون).

وأضاف التقرير أنه وفي ظل الوضع الراهن تصور "الجوقة" الإعلامية الإسرائيلية رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه يعلون، على أنهما منضبطان، وأحيانا "حمائميان"، لأنهما يمتنعان عن توسيع العملية العسكرية البرية في القطاع أو احتلاله كله، علما أنهما صادقا على العدوان الذي تسبب بكل هذه الأهوال.

ويشير التقرير إلى أنه في ظل تجاهل الرأي العام الإسرائيلي للأهوال في القطاع ومعاناة المدنيين، أكد الباحث في الشئون العسكرية، الدكتور ياغيل ليفي، أن إسرائيل تتجاهل العلاقة بين الأذى البالغ الذي تلحقه بالمدنيين الفلسطينيين وعداء هؤلاء المدنيين لإسرائيل.

وجاء في التقرير أنه من أجل توضيح هذا الأمر، اقتبس ليفي خطابا ألقاه في العام 1956 رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، موشيه دايّان، في تأبين حارس كيبوتس "ناحل عوز"، روعي روتبرغ، الذي قتله رعاة فلسطينيون تسللوا من قطاع غزة.

وقال دايّان في خطابه إنه "لا ينبغي علينا اليوم أن نكيل الاتهامات تجاه القتلة. ولماذا نشكو من كراهيتهم الشديدة لنا؟ فهم يسكنون منذ ثماني سنوات في مخيمات اللاجئين التي في غزة، وأمام أنظارهم استولينا على الأرض والقرى التي سكنوها هم وآباؤهم".

ونقل التقرير رأى رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الأسبق، عامي أيالون، الذي نشره في مقال بموقع "واللا" الإلكتروني، يوم الثلاثاء الماضي، وقال فيه إن الجانب المنتصر في حرب مثل "الجرف الصامد" في الواقع الدولي الحالي هو ذلك الجانب الذي تكون روايته التاريخية أفضل، وأن الرواية الفلسطينية تتقدم على الرواية الإسرائيلية في هذا الشأن.

واعتبر عامي أن عملية ’الجرف الصامد’ تمثل حملة عسكرية عادلة بسبب الحق في الدفاع عن النفس، وأن القتال الذي يخوضه الجيش الإسرائيلي جار من خلال حرص على تطبيق قواعد القانون الدولي، ضد إرهاب وحشي يحول مواطنيه إلى درع بشري وهو الذي يتسبب بموتهم".

وقال التقرير إنه وبما أن الجانب المنتصر، بنظر أيالون، هو الجانب الذي تعتبر قضيته عادلة، فإنه "في امتحان النتيجة، يظل استمرار الاحتلال وعدد القتلى الفلسطينيين غير الضالعين في القتال، هما اللذان يشهدان على العدالة بنظر الجمهور في العالم، وما بدا في الأيام الأولى كحرب عادلة من أجل الدفاع عن النفس، نتيجة لقرارات حكومية مدروسة ومنضبطة سياسيا، تغيرت بنظر المشاهدين في العالم إلى حرب شرسة ضد عدو عاجز، وأن الساعة الرملية للحق الإسرائيلي أخذت تأزف".

وأضاف التقرير: "لكن أيالون اعتبر أنه بإمكان إسرائيل الانتصار في الحرب إذا ما استخدمت "قصتها المنتصرة"، وأن "قصة إسرائيل في حدود العام 1967، التي تسعى إلى خلق واقع الدولتين للشعبين، تستوعب لدى المجتمع الدولي على أنها عادلة. ووفقا لهذا المفهوم، فإنه حتى المشاهد القاسية ستفهم على أنها دفاع عن النفس، لكن إذا ما استمرت القصة الإسرائيلية في أن تكون بنظر العالم قصة إسرائيل التي تحارب على استمرار الاحتلال وبناء المستوطنات، فإن القتال ضد تهديد الصواريخ والأنفاق إزاء سكان مدنيين، لن يعتبر عادلا.

وأوضح التقرير أن إلى جانب دعم الرأي العام الإسرائيلي، الذي يكاد يكون جارفا، للحرب على غزة غير مكترث بالأهوال التي يحدثها هناك، فإن مظاهر العنصرية والفاشية والإجراءات غير الديمقراطية في إسرائيل تجاه الأقلية الفلسطينية جاءت عنيفة وغير مسبوقة، فالشرطة الإسرائيلية قمعت المظاهرات السلمية، والشركات الكبرى فصلت من العمل عاملين عبروا، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، عن معارضتهم للمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، والكنيست أبعد النائبة حنين زعبي عن هيئته العامة ولجانه، لأنها رفضت وصف خاطفي المستوطنين الثلاثة بأنهم "إرهابيون" ونددت بالمجازر في غزة. وبكلمات أخرى، فإن المجتمع اليهودي في إسرائيل، وإلى جانبه مؤسسات الدولة، فقد في هذه الحرب القليل مما تبقى لديه من قيم التسامح وتعددية الآراء.
الجريدة الرسمية