بالأسماء ومرة ثانية..عن الرجل الذي يقصده الديب !
نلتمس من القارئ العزيز الصبر على القصتين التاليتين ففيهما دلالات مهمة..
ففجأه قررت وزارة الخارجية إحالة وكيلها السفير حسين عزيز إلى المعاش! وافق جمال عبد الناصر على الفور أو للدقة كان هو صاحب القرار! تقول التفاصيل:
جاءت رسالة عاجلة من الزعيم الهندي "نهرو" إلى الرئيس "ناصر" تقول إنه تلقى تقريرا من سفيره بالقاهرة يقول فيها إنه التقي بالسفير حسين عزيز وفوجئ أنه يقول ويتبني سياسات عكس السياسة الخارجية المصرية تماما، بل إنه كان قاسيا في الخصومة معها، بل وكان يعرض بها أمام الآخرين ! بينما يري "نهرو" أن على مصر في سياستها الخارجية وفي مثل ظروفها أن تتحدث بلسان واحد، وصوت واحد، وأنه من الحظ أن حديث السفير عزيز كان مع سفير الهند وهي دولة صديقة لمصر وأن كل ما يخشاه أن يكون ذلك يحدث مع سفراء دول أخرى بالقاهرة!
وبالطبع فالجميع يعلم أن الدبلوماسيين مثل ضباط الجيش، عليهم تنفيذ الأوامر وإنجاز المهام وحسب. لذلك عندما يراجع محمد حسنين هيكل الرئيس عبد الناصر في أسباب القرار وخصوصا أنه وكما يقول كان يقدر جدا السفير عزيز وبعد أن يروي له القصة السابقة ويقول: "إذا كان لديه اعتراض على السياسة الخارجية فكان عليه أن يناقش الأمر مع وزير الخارجية الدكتور محمود فوزي، وإذا لم يقتنع بها فعليه بعدها أن يطلب نقله من منصبه أو أن يستقيل، أما أن يرسم بنفسه السياسة الخارجية للحكومة المصرية ويهاجمها مع السفراء الأجانب فهذا ما لا يمكن قبوله" !
إليكم أيضا هذه القصة:
يصدر قرار مفاجئ بإقالة الاقتصادي الكبير السيد أحمد أبو العلا نائب محافظ البنك المركزي !! الرجل طيب السمعة ومن الاقتصاديين الأكفاء، إلا أن قرار الإقالة يعرض على جمال عبد الناصر ويوافق عليه على الفور! وهنا أيضا تقول التفاصيل:
كان أحد المسئولين في السفارة البريطانية موضوعا وقتها ولأسباب أمنية تحت المراقبة، وفي سجلات المراقبة بإحدي المؤسسات الأمنية المهمة التي دائما حصن أمان المصريين، ورد التفريغ النصي لأحد التسجيلات يقول، إن اتصالات تتم بين أبو العلا والدبلوماسي البريطاني، وفي إحداها جاء النص التالي: "أن معلوماتنا أن حالتكم الاقتصادية سيئة،.. معلوماتنا أن أرصدتكم من النقد الأجنبي لم تعد تزيد الآن على عشرة ملايين جنيه، ؟ وجاء رد أبو العلا، "الموقف أسوأ بكثير، أمامي الآن آخر التقارير عن أوضاعنا، رصيدنا لا يزيد على مليونين وربع "!!
الآن نسأل: بعد رحيل جمال عبد الناصر، وفتح الباب واسعا لتشويهه، بتحالف واسع من الإخوان ومنافقي العهد الجديد وبرضا أمريكي كامل، ماذا يمكن أن يقول مثل هؤلاء المسئولين عن عهد عبد الناصر؟ تخيلوا لو أن حوارا صحفيا أجري معهم، أو حوارا عائليا مع أقاربهم، أو مقالا اتفقوا على كتابته في بعض الصحف ماذا سيقولون عن عبد الناصر؟ وكم واحد مثل هؤلاء خرجوا لأسباب تتعلق بأمن مصر والمصريين وكرامتهم وليس أمن عبد الناصر من قريب أو من بعيد وصنعوا من أنفسهم أبطالا يزعمون أنه تم فصلهم وتشريدهم لاختلافهم مع النظام ؟! لا ننكر أنه كانت هناك تجاوزات لكن هل عرفتم كيف كانت أسباب أغلبها؟ وإلي كم قصة مثل هذه يستند السيد الديب والذين معه ؟؟!!
وقبل أن تنتهي عزيزي القارئ من السطور التي بين يديك في سلسلة حلقاتنا عن الأستاذ فريد الديب، لك أن تعرف أن هيكل راجع عبد الناصر في قضية السيد أحمد أبو العلا معتقدا أن في الأمر ثرثرة مع الدبلوماسي البريطاني بحسن نية، وأبلغه أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق !! أما السفير حسين عزيز، فقد لجأ للقضاء طاعنا على قرار إحالته للمعاش، وكان صعبا أن تفشي الحكومة أمام المحكمة أسرار المراسلات بين رئيس الدولة، ورئيس دولة أجنبية، فحكم مجلس الدولة للمذكور بالعودة إلى العمل !!
ها هو القضاء الذي يكذبون ويكذبون ويزعمون أنه كان مهانا وتحت سيطرة عبد الناصر !!
وللحديث بقية..
ملحوظة: المقال السابق بالأسماء، والمناصب، والقضايا كاملة في أرشيف القضاء لمن يريد، أي إننا لا نتكلم كلاما في الهواء كما يفعل الآخرون، وأولهم بالطبع الأستاذ الديب !!