رئيس التحرير
عصام كامل

قبضة الرئيس وقبضة الروح


يتلقى الرئيس المنتخب محمد مرسى، جرعات دعم نفسى وتحفيز لهرمون القسوة، منذ أسبوعين تقريبا من جانب جماعات إسلامية مؤيدة له باعتباره أول رئيس فى دولة الخلافة.. "اضرب يا ريس بيد من حديد" و"ياريس يا مؤمن"، ثم استنفار القبضة الحديدية لرئيس الجمهورية؛ لتحطيم المعارضة وإخضاعها لما يسمى بالمشروع الإسلامى معناه أن الرئيس رغم الدستور وقيوده لايزال يملك قبضة من حديد، وإن لم يكن يمتلك أو حتى يمكنه استخدامها فى كسر أنف المعارضة؛ فإن المدافعين عن مشروع الخلافة فى هيئة الرئيس لديهم القبضة والسيف والتاريخ المخيف.

فى هذا السياق، يمكن فهم "ألفية" الجمعة الماضية فى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة؛ حيث دعت الجماعة الإسلامية إلى نبذ العنف؛ ليس بمناسبة الفالنتاين إنما بمناسبة المولوتوف! المفارقة إن دعاة "معا ضد العنف" هم المدانون بقتل السادات ومن تبعهم.. وصحيح إنهم دفعوا الثمن من زهرة أعمارهم واستتابوا أنفسهم واختاروا التبشير السياسى لأهداف دينية، إﻻ أن بعض من خرجوا لنبذ العنف ألمحوا وهددوا بالرجوع إليه! وانطوت الدعوة إلى السلم على سم.. رفعوا صور وأعلام نبى العنف السياسى بن ﻻدن، والإعلام السوداء لتنظيم القاعدة الدموى، وأعلام تنظيم الجهاد؛ بل إن خطبا لمتحدثين هددت وحذرت وأنذرت، وهو ما رآه المتفرجون المصريون القابعون وراء شاشات العرض المنزلى بروفة تحليل من الحلال دم المجتمع بدعوى "قد أعذر من أنذر".
الحق أننى لست مع موجة المعايرة والتهكم الشعبى على التوبة السياسية للجماعة وقادتها؛ وأكثرهم يقينا بها وقربا من قلوب الناس وعقولهم الآن، العزيز العاقل د. ناجح إبراهيم من أجل هذا، ما كنت أحب لتيار يسعى للقبول اﻻجتماعى أن يستدعى المخزون من تاريخه فى الدم لردع المعارضين لرئيس يراه الإسلاميون بتاعهم وحدهم. العمل السياسى المعلن خير وأطهر من النزول تحت الأرض واصطياد الفرائس السياسية. لا يجوز لمن تاب وأناب أن يلوح بالرجوع إلى المعاصى الإرهابية.
لن يستفيد الرئيس مرسى من ألفيات أو مليونيات التحريض على المعارضة، بدعوى مناصرته أو شد أزره. إنها تظاهرات القسم الذى يناصره ليس لشخصه ولا لنجاحه؛ وإلا ما انقلب عليه السلفيون، لكن لأنه فيما يرون أول حجر فى دولة الخلافة. أما القسم الآخر من الشعب؛ فهو محشور فى نفق بلا مترو يعانى الظلام والظلم والإحباط والخوف؛ أو هو ممدد على كنبة فى عنابر العلاج النفسى المكثف؛ أو مسحوب مشدوه أمام الفيلم الأسبوعى المنتظم لقنابل الغاز والمولوتوف، يتبادلها الأمن أو الميليشيات مع المشاغبين أو المحتجين أو القصاصين، المطالبين بالقصاص، أو المصابين تحت التجهيز!
الجريدة الرسمية