... وفجأةً صاح الغراب: أوّاه يا غزة
الذين تابعوا موقف الإخوان مما يحدث في غزة أدركوا جيدا حجم الأكاذيب التي يعيشها هذا التيار بعد أن صرخ كبيرهم الذي قادهم إلى الجحيم محمد مرسي «أوّاه ياغزة»، وكأنه لم يكن المسئول الأول في حصار المقاومة الفلسطينية عام ٢٠١٢ م عندما قاد الاحتلال الإسرائيلي هجوما متفقا عليه لتبييض وجه مرسي أمام المارة وإظهاره بمظهر رجل الدولة المسئولة، عندما وقع كضامن على حصار المقاومة الفلسطينية وعاونتها في ذلك حماس.
في تهدئة الأوضاع عام ٢٠١٢ وقع محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية في ذلك الوقت، كطرف ضامن لأول مرة، ووقعت حماس وتعهدت بمنع سقوط صواريخ فلسطينية على الكيان المحتل، وقامت حماس بدور الرقيب على الفصائل المقاومة الأخرى كنوع من الدعم لمحمد مرسي وتقديمه لواشنطن كرجل سلام.
الآن يردد من داخل محبسه «أوّاه يا غزة»... وكأنه كان حاملا سلاحه مضحيا بنفسه من أجل غزة عام ٢٠١٢م وعلي الفور قادت كتائبهم الإلكترونية التي احترفت التزوير والكذب والتضليل حملة شعواء على مصر وشعبها ورئيسها وكأنهم من يقصفون غزة أو كأن هذا الشعب العظيم يقف من غزة في غير موضعه التاريخي الذي فرضته الأخوة والإنسانية والجغرافيا والتاريخ، ومائة ألف شهيد قدمتهم مصر عن طيب خاطر ولاتزال على استعداد أن تقدم المزيد من أجل إحقاق الحق، شريطة أن يكون أهل الحق على قدر مسئولياتهم.
ومن عجب أن تمضي قافلة الصحافة الحكومية إلى حيث أراد لها إخوان الشر ورفاق إبليس، موهمين الناس بهذا الخلط الغريب بين موقف الشعب المصري من حماس وموقف الشعب المصري من القضية الفلسطينية، وشتان بين الموقفين.. فلم تكن مصر في يوم من الأيام تفرض أجندتها على حماس أو أي فصيل فلسطيني وظل دورها داعما لأية قرارات تتوافق عليها الفصائل حتى أيام مبارك وباعتراف خالد مشعل نفسه، الذي رفض الإساءة إلى الراحل عمر سليمان مؤكدا على وطنيته ودوره الداعم للقضية.
إذن ما الذي حدث؟.. باختصار عندما كانت حماس تهتم بدورها المقاوم كانت سندا للقضية وللمفاوض الفلسطيني، أما عندما مارست دورا سياسيا راغبا في التهام السلطة أصابها ما أصاب كل المقاومين الذين وصلوا إلى سدة الحكم، ومن ثم ذاقوا حلاوة الكرسي الوهمية وباتوا يقدمون أدوارا أساءت إليهم أكثر مما أفادتهم.
وبات خالد مشعل -المنشغل بنعيم قطر- مناضل حناجر مثل كثيرين في المنطقة العربية انتهى دورهم عندما تجاهلوا أن المقاومة تسقط عندما يصبح قادتها من رواد الفنادق الفخمة ومن جلساء العملاء ومن راغبى متعة السلطة.. وعندما يفقد «الإخشوشان» يخشى زوال النعم والنعم تتغير لديه فهي لم تعد صمودا وأجندة وجدول أعمال.. هكذا كان الحال مع الإخوان وعلى رأسهم مطيتهم محمد مرسي الذي حزم غزة بالقيود عام ٢٠١٢ م وهاهو يعود بنفس منطق الكذب والضلال ليصرخ فينا «أوّاه ياغزة».
ومحمد مرسي صاحب أغنية الآهات، لم يتوجع قديما وهو يقدم فروض الولاء والطاعة للعم سام ولم يتذكر شهداءنا وشهداء غزة وشهداء الأمة العربية، وهو يخاطب رئيس الكيان المحتل ويصف نفسه بالصديق الوفى له ولم تخرج منه حشرجة آه وحيدة وهو يملأ كروش رفاقه من الحمساويين بالباطل من فتح بلاده على البحرى لهم لكى يكيلوا من خيراتها سرقة ونهبا ليس لدعم المقاومين الأبطال وإنما لزيادة أرصدتهم ببنوك أوربا وأمريكا من دماء المصريين الغلابة.
ومحمد مرسي المتألم من داخل المكان الوحيد الذي يليق به وبأمثاله لم يذكر لنا ماذا فعل مع رفاقه في شباب آمنوا بأن المقاومة عمل مقدس لا يتوقف قبل تحرير الأرض.. هل خاطب أيامها الفريق الأكبر والأكثر عطاء والأكثر عددا وعدة والأكثر بطولات.. هل تعامل مع الرئيس الشرعى محمود عباس أبو مازن ؟
ألم يكشفه محمود عباس أبو مازن عندما أعلن عن بعض تفاصيل المشروع الصهيونى بمباركة إخوانية وحمساوية لتسكين أهل غزة في سيناء وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد؟ ألم يكن هذا دور الإخوان ودور حماس وهو الدور الذي رفضه الرئيس الفلسطيني ورفضته مصر شعبا وجيشا.
أقول كل ما تقدم لأننا -شعبا وجيشا ورئيسا- جزء لا يتجزأ من قضيتنا وقضية العرب الأولى وسنظل هكذا ضد إسرائيل وكل عملائها بدءا من الغراب الذي صاح «أوّاه يا غزة» وليس نهاية بالآكلين على كل الموائد الخائنين لكل عهد، والمناضلين من الدوحة عاصمة قطرائيل!!