رئيس التحرير
عصام كامل

القضاء يكتب تاريخنا!


لن يحسم فقط القضاء أمر الاتهامات التي يحاكم بها رئيسين سابقين وإنما - وهذا هو الأهم- سيعيد كتابة تاريخ مصر في سنوات شديدة الأهمية لمجتمعنا، ومنطقتنا شهدت أحداثا كبيرة وضخمة تركت تأثيرها على حاضرها وسيكون لها تأثيرها أيضا على مستقبلنا ومن هنا تكتسب القضايا التي يحاكم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس السابق محمد مرسي أهمية خاصة..


فهذه المحاكمات لا تبحث فقط في عدد من الاتهامات التي طالت كلا منهما وقادتهما إلى ساحة القضاء، وإنما امتد البحث فيها إلى وقائع ما حدث في مصر منذ يناير ٢٠١١ وحتى ما بعد الإطاحة بحكم الإخوان في ٣ يوليو ٢٠١٣.. وكلها وقائع مهمة تتعلق بما شهدته مصر من مظاهرات في ٢٥ يناير وما شهدته مصر من عمليات اقتحام لأقسام ومراكز الشرطة والسجون في ٢٨ يناير وما بعده، وكذلك ما شهدته هذه الفترة من عمليات قتل للمتظاهرين.

وهكذا ستكون حيثيات الأحكام التي سوف تصدر في هذه القضايا التي يحاكم فيها الرئيس السابق والرئيس الأسبق شهادات تاريخية شديدة الأهمية حول كل هذه الوقائع والأحداث لأن هذه الحيثيات ستعلل الأحكام التي سوف تصدر في هذا المحاكمات.

ستقول لنا هذه الحيثيات ماذا حدث في ٢٥ يناير؟ وكيف سعى الإخوان لاستثمار غضب جماهيري انفجر وقتها للوثوب إلى السلطة والسيطرة على البلاد بدعم أمريكي واضح، من خلال مخطط تم إعداده بدقة قبلها بسنوات وتم الاتفاق عليه بسخاء.

وستكشف لنا هذا الحيثيات كيف نجح الإخوان في التغرير بقوى وشخصيات وعناصر سياسية وإعلامية، وكيف نجحوا في استثمارهم لتحقيق هدفهم الأثير وهو الوصول إلى السلطة.

كما ستكشف لنا هذه الحيثيات أيضا لماذا حرص الأمريكان حتى وهم يساندون بقوة الإخوان للوصول إلى حكم مصر على أن ينسجوا شبكة من العلاقات مع قوى وعناصر ومجموعات غير إخوانية حتى يضمنوا المحافظة على نفوذ وتأثير أمريكي واسع لهم داخل بلادنا.

كما ستفضح هذه الحيثيات من تآمر على استغلال هذا البلد وكيان دولته الوطنية ومن أثر التصدي لهذا التآمر وعمل على إجهاضه وإفشاله.

وهكذا.. لن تقتصر الأحكام التي سوف تصدر على إدانة أو تبرئة الرئيس السابق والرئيس الأسبق فقط وإنما ستبين لنا -باعتبارها عنوان الحقيقة- ما لم نستطع لأسباب عديدة أن نفهمه من أحداث وقت وقوعها أو ما التبس علينا فهمه وقتها.. ومن هنا تأتي أهمية هذه المحاكمات، وأهمية أن عهدنا للقضاء بمحاكمتها مع رجالهما.
الجريدة الرسمية