رئيس التحرير
عصام كامل

عن الرجل الذي يقصده الديب !


دخل محمد حسنين هيكل إلى مكتب الرئيس عبدالناصر بعد ساعات من وفاة القيادي الشيوعي شهدي عطيه الشافعي في السجن، قال لعبدالناصر: " الرجل مات بعد أن ضربه جندياً بقدمه في منطقه حساسة أدت إلى وفاته " يضيف هيكل حرفياً: ( وأشهد أن ثورة جمال عبدالناصر على ما سمعه مني كانت عارمة، رفع سماعة التليفون، واتصل بوزير الداخلية، وروى له ما سمع مني، ثم أضاف بالحرف " إذا كان ذلك يمكن أن يحدث في عهد الثورة فالأشرف والله أن نفضها سيرة " وطلب عبدالناصر تحقيقاً وطلب حساباً، وكان مدير مصلحة السجون نفسه أول الضحايا، وأحيل للمعاش بعدها بثلاثة أيام !

القصة الأخطر ذات الدلالة والأهمية في مواجهة الفاسدين الحقيقيين، هي كالتالي: ذهب توفيق الحكيم، أعظم كُتاب مصر، إلى محمد حسنين هيكل وأعطاه قصة جديدة كتبها- قصة شهيرة جدًا تحولت إلى مسرحية اسمها بنك القلق - وقال له إنها ليست للنشر وإنما ليقرأها بشكل شخصي ! قرأ هيكل القصة وكانت نقداً شديداً لكل أوضاع وتجاوزات السلطة في مصر إلا أنه قرر نشرها، وما هي إلا ساعات من نشر أول فصولها حتى قامت القيامة في مصر عليه وعلى الأهرام، يقول هيكل حرفيا:

اتصل بي جمال عبدالناصر يقول لي إنه لم يقرأ ما نشرناه من قصة الأستاذ توفيق الحكيم ويطلب عند ذهابي إليه نسخة مما نشر لكي يقرأها لأن كثيرين احتجوا لديه على نشرها، وذهبت إليه وكان عبدالحكيم عامر معه، ولم أكد أدخل حتى راح عامر يهاجم نشر القصة، ويطلب وقف بقية فصولها، لأنهم جميعا يعتبرونها تعريضا بهم " ويكمل:

وقلت له، من هم الغاضبون ؟ وذكر أسماء رجال أقوياء على قمة أجهزة الأمن وقتها، وأمسك عبدالناصر بفصل القصة المنشور، الذي جئت به معي وقال لعبدالحكيم عامر، انتظر حتى اقرأه، وراح يقرأ وعبدالحكيم عامر ينظر إلى بين الوقت والآخر، ويهز رأسه رفضا، وأنا أهز له رأسي أن انتظر، وفرغ جمال عبدالناصر من قراءته، ثم التفت إلى يقول: 

" إنها قاسية "وقفز عبدالحكيم عامر إلى الفرصة يقول " يجب وقف نشرها " لكن التفت إلى ناحية جمال عبدالناصر وإذا هو يقول: "... أن توفيق الحكيم في العهد الملكي استطاع أن ينتقد المجتمع المصري في كتابه يوميات نائب في الأرياف، ولا أتصور في عهد الثورة أنه لا يستطيع أن ينتقد ما يراه مستحقا للنقد في حياتنا " ويختتم هيكل: (ونشرت القصة كاملة.. حلقات بعد حلقات )!!

الآن وقد فرغنا من الروايتين نقول: إن الهدف منهما ليست التسلية بطبيعة الحال، لكن هكذا كان الرجل الذي يغير مجرى التاريخ ويعيد في مصر كتابته ويحكم بالشرعية الثورية، هكذا كان حاله، وعلى عكس ما يريد السيد فريد الديب ومن معه تصويره، وكأنه جبار الجبابرة، لا قانون ولا إنسان، في عهده، رغم أن تحولات الثوره كلها كانت من أجل الملايين الذين حرموا قبلها طويلا من كل شيء حتى كان محاربة الحفاء مشروع المصريين القومي !!

سنكمل رواياتنا ردًا على الديب، الذي يدعمه رجال إعلام لا يناقشونه في شيء وأغلب كلامه مغالطات في مغالطات، ويبقي القول إننا وفي طريقنا للرواية الأهم وهي " مذبحة القضاة " ننقل من كتاب هيكل الأشهر " لمصر لا لعبدالناصر " والذي صدر في ظل اشتعال الحملة على جمال عبدالناصر عام ٧٦، سينمائيا وصحفيا وروائيا ومسرحيا وإذاعيا، شارك فيها الإخوان وكل من أضيروا من عهد الرجل، وكل من وردت أسماؤهم في الرويات المذكوره كانوا على قيد الحياة، ولم يعترض واحد ولم يلجأ منهم واحد للقضاء، وملف قضية شهدي الشافعي موجود، كما أن نسخ " بنك القلق " موجودة هناك، على أرفف أرشيف الأهرام العظيم، ديوان المصريين المعاصر " تشهد بالكذب، على الكاذبين !!
وللحديث بقية..
الجريدة الرسمية