رئيس التحرير
عصام كامل

مدهشات فريد الديب.."مذبحة القضاة" !!


يتكلم فريد الديب دائما وكأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، ويتكلم فريد الديب دائما - والذي نعتذر للقراء عن تأجيل حلقات تجديد الخطاب الديني للرد عليه بناء على طلب عدد منهم - وكأن لا أحد سيراجعه أو سيعقب عليه وخصوصا أنه يدعم بالحق أحيانا وبالباطل غالبا من عدد من الإعلاميين يرون في استضافته ما يثير فضول الناس خصوصا وأنه اعتاد أن يلوك لسانه عددا محددا من الموضوعات يروح بها ويجىء دون حسيب أو رقيب حتى بات الرد عليه ضروريا، فلم يعد مقبولا، بكل الظروف الممكنة الصمت على تحريف التاريخ والعبث به على النحو الذي اعتاده الديب، فالتاريخ ملك للأمة وللأجيال ولهذا البلد العظيم، ويمكننا قبول الاختلاف في الآراء، في وجهات النظر، حتى الاختلاف الحاد بل والعنيف، إنما التاريخ حقائق استقرت، حتى لو اختلفنا حول تقيمها، فحرب أكتوبر تاريخ، تقييمه آراء نختلف عليها، نكسة ٦٧ تاريخ، أسبابها آراء نختلف عليها، وهكذا..

والأستاذ الديب، الذي يجمع كل المتناقضات في حديث واحد وبإبهار منقطع النظير، فمبارك مثلا عنده تسلم البلد خربة وبناها من جديد، لكنه يشيد دائما بالسادات الذي أنجز الكثير! ولا نعرف هل أنجز السادات الذي وعد بالرخاء واستقبل المعونات الأمريكية وإعاد فتح قناة السويس وبدأ دخلها يصب في الاقتصاد الوطني، أم لم ينجز شيئا وترك البلد خربة وبناها مبارك من جديد ؟؟!! أيهما يعني ؟؟ لا نعرف !!

هل اقترب فعلا الضباط الأحرار - أحدهم أو بعضهم أو كلهم - من أذن جمال عبد الناصر ليقول له إن علينا أن نغير مصطلح "الحركة المباركة " ونطلق مصطلح "الثورة" لأنه أفضل كما قال الديب في المرافعة، أم أن الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي هو أول من أطلق عليها ذلك كما هو الثابت تاريخيا ؟؟!!

ولا نعرف - فيما لا نعرف من مدهشات الديب - وقد تحول مصطلح الحركة إلى ثورة في الأسابيع الأولى منها، هل كان منطقيا أن يشي أحدهم أو يقترح على جمال عبد الناصر أو على محمد نجيب ؟! ألم يكن نجيب هو قائد الثورة في عرف الديب ؟ أم هو جمال عبد الناصر كما هو في عرفنا وعرف خصوم الديب؟

على كل حال، سنفتح ملف عبد الناصر والقضاء من خلال القصة التالية لعدو الديب الكبير محمد حسنين هيكل، ولكن الفرق الكبير أن هيكل يقدم كعادته في كتبه الأدلة على ما يقول، ومنهم الرواية التالية التي رواها في كتابه الشهير "لمصر، لا لعبد الناصر" وقد صدرت طبعته الأولى عام ٨٧ وكان أغلب أطراف الواقعة على قيد الحياة ولم يكذبها أحد، لا من طرفيها الأصليين، ولا من الديوان الملكي السعودي.. تقول القصة:

استدعي الرئيس جمال عبد الناصر هيكل على عجل، أعطاه خطابا من العاهل السعودي وقتها سعود بن عبد العزيز، يطلب منه التدخل في إحدي القضايا المنظورة أمام القضاء المصري الشرعي وقتها، الدعوى مرفوعة من ملكة مصر السابقة ناريمان، ضد زوجها أدهم النقيب، تطلب الطلاق، وكانت بالطبع قد تزوجته بعد طلاقها من الملك فاروق، قال ناصر لهيكل حرفيا وكانت العلاقات جيدة جدا وقتها بين الملك والرئيس،: "إنني أريد أن أجامل الرجل في أي شىء يطلبه مني، ولكنه قصدني حيث لا أستطيع أن أجيب طلبه، ولا أعرف كيف أرد عليه، وهل سيصدقني إذا قلت إنني لا أستطيع أن أتدخل في أعمال محكمة شرعية ؟ وكيف أتدخل ؟!"

كانت ناريمان قد لجأت للملك، ووعدها بدعمها ومساندتها كما تقول أصول الشهامة العربية، وكان أدهم النقيب قد لجأ هو الآخر للقضاء، يطلب الملكة في بيت الطاعة، بل وحصل على حكم بذلك، ويقف زعيم العرب غير قادر على تلبية ملك عربي كبير، لأن في الطلب مساسا بالقضاء!!

القصة كاملة في الكتاب بصفحة ٦٩ ونكرر، رويت كاملة وأطرافها على قيد الحياة ولم يكذبها واحد، ولا حتى لم يكذبها أحد بعيدا عن أطرافها، وسنتخذها مدخلا، لنرد على تاريخ يكتبه الديب بنفسه، وسنثبت له أيهم كان الأكثر احتراما للقضاء على عكس كل ما يشاع، وعلي خلاف كل ما يتردد من أكاذيب، ومن منهم، من تدخل لإلغاء أحكام بالطريق المباشر ومن منهم كان أول من سحل القضاة في عهده، أمام ناديهم، وعلي قارعة الطريق، في سابقة هي الأولى في مصر وربما في العالم وللحديث بقية!!
الجريدة الرسمية