رئيس التحرير
عصام كامل

ولاية الفقيه المصرية!


فى البداية تصورت خطأ أن المرشد الإيرانى خامنئى ساذج حينما بعث رسالة للرئيس مرسى ينصحه فيها بمحاكاة تجربة دولة ولاية الفقيه الإيرانية فى مصر، دون مراعاة، كما قال، لأى اعتبارات داخلية أو خارجية، أى رغم أنف الرافضين!


فقد تصورت خطأ بالطبع أن المرشد الإيرانى لا يعلم أننا لدينا مثل إيران مرشدا أيضا، وأن هذا المرشد يعمل بدأب وهمة ونشاط مع كل أعضاء مكتب إرشاد جماعته من أجل إقامة دولة فى مصر مشابهة لدولة ولاية الفقيه فى إيران.. بل إن الجماعة التى يقودها المرشد المصرى سارت بعد تنحى مبارك فى ذات الطريق الذى سبق أن سلكه الخومينى، حينما انقلب على رفاق الثورة الإيرانية وتخلص منهم بالإقصاء والسجن والقتل واحدا بعد الآخر، حتى تمكن فى نهاية المطاف من احتكار السلطة وحده فى إيران.. فهذا ما يفعله الإخوان تحديدا الآن، وسوف يستمرون فى القيام به بحوار أو دون حوار.

لكن مثل هذا التصور صعب قبوله لأن المرشد الإيرانى خامنئى تحت سيطرته أجهزة استخبارات قوية لابد أنها جمعت له كل المعلومات عن جماعة الإخوان التى تحكم مصر الآن، ومن المؤكد أنها قدمت له تقارير تفصيلية عن تركيبها التنظيمى وتشكيل قيادتها.

لذلك.. الأغلب أن خامنئى كان يعى ما قاله للرئيس مرسى فى رسالته ونصيحته له بمحاكاة تجربة ولاية الفقيه.. ولابد أن يكون لخامنئى أسبابه الخاصة، رغم أن لدينا مرشدا مثله.

وربما لا تخرج هذه الأسباب عن ثلاثة.. فقد يكون المرشد الإيرانى يخشى أن تتراجع جماعة الإخوان تحت الضغوط التى تتعرض لها وتضطر لمهادنة المعارضة بدلا من قمعها وترجئ تنفيذ مشروعها.. لكن ما نراه الآن لا يبرر شكوك ومخاوف المرشد الإيرانى تجاه الإخوان.. فهم ماضون بقوة فى تنفيذ خطتهم، وهم فقط يحاولون كسب أو استهلاك الوقت باليد التى يمدونها بالحوار، للمعارضة، خاصة أن الأمريكان يطالبونهم بذلك، وهم لا يردون للأمريكان طلبا!

أو قد يكون المرشد الإيرانى غير مقتنع بالمرشد المصرى ويريد أن يمد نفوذ ولاية الفقيه الإيرانية لتهيمن على مصر، خاصة أنه يعتبر ثورة مصر، كما قال قبل عامين امتدادا لثورة إيران.. لكن حتى ولو كان خامنئى يطمع فى الهيمنة على مصر فإنه يعرف صعوبة تنفيذ ذلك الآن ومستقبلا، وهو ما ظهر جليا فى المطاردات التى تعرض لها الرئيس الإيرانى حينما زار القاهرة مؤخرا.

لذلك لا يبقى سوى سبب ثالث وأخير وهو أن خامنئى يعرف أن المرشد المصرى لا يمسك بزمام الأمور، كما يفعل هو فى إيران، لأن نائبيه محمود عزت وخيرت الشاطر هما اللذان يتحكمان فى كل شىء داخل وخارج الجماعة، وهو ما يقلل من هيبة المرشد ولا يجعله فقيها مثل إيران.. لكن خامنئى يتجاهل بذلك أن لدينا بدل المرشد الواحد اثنين أو ثلاثة.
 
الجريدة الرسمية