رئيس التحرير
عصام كامل

أول قاضية جنايات: أقسم بالله الانتخابات الرئاسية الأخيرة هي الأنزه في مصر

فيتو

  • أرفض اتهامات تسييس القضاء لأنها بدون دليل
  • العفو عن الناشطين يفتح بابا جديدا للاستهتار بالقانون
  • قضايا التحرش الجنسي لا تحتاج إلى دوائر متخصصة 
  • مبارك ليس إرهابيا وأؤيد العفو عنه طالما لم يخن بلده 
  • دخول القاضيات النقض معجزة
  • أصعب قضية شاب كان يدير كشكا تحت إحدى الكباري للدعارة 
  • لا يوجد قاض رجل أو امرأة يرى الحق ويمنعه 
  • قلب القاضي وعقله لا يستطيع أن يحكم ظلما 
  • لم تؤثر عاطفتي كامرأة على حكم أصدرته أو قضية نظرتها 
  • تستفزني قضايا الدعارة المتهم فيها سيدات 
  • ألتمس العذر لرجل وليس لامرأة عملت في الدعارة 
  • عملي أثر على منزلي وحياتي الشخصية بنسبة 70 % 
  • أغرب قضية لنجار قتل شيخا وامرأة عجوز ليسرق 200 جنيه 
  • الإخوان حطموا سيارتي عند حصارهم لبعض المحاكم 
  • وجود شرطة قضائية ضروري للحفاظ على أمن القاضي 
  • أصابتني صدمة عندما أعلن "قضاة من أجل مصر" نتيجة فوز المعزول 
  • أرفض تماما تصنيف القضاة إلى مذاهب أو اتجاهات 
  • لم أجد ظاهرة توجيه الناخبين في لجنتي 
  • يجب فصل تبعية التفتيش القضائي عن وزارة العدل 
  • أرفض العفو عن مرسي إذا صدرت ضده أحكام قضائية تؤكد أنه خائن

المستشارة سالي الصعيدي رئيس محكمة بالمكتب الفني لمحكمة النقض الجنائي، وأول قاضية جنائية دخلت المحاكم الجنائية في مصر حصلت على درجة الماجستير، وتستعد للحصول على درجة الدكتوراه في القانون الدولي، لديها ولدان وبنت، وزوجها يعمل خارج الوسط القضائي.
عملت بالنيابة الإدارية حتى عام 2007 فور تخرجها من كلية الحقوق، وعملت بعدها بمحاكم الأسرة والمدني والإجرائي، والجنح المستأنفة، وجنايات جنح الأحداث ثم الجنح المستأنفة بمحكمة شمال القاهرة.
أكدت "الصعيدي" خلال حوارها مع "فيتو" أنها لا تخشى التعامل مع المجرمين، ولا تتعاطف مع المرأة المتهمة بالدعارة، وترى أن الرئيس المخلوع يستحق العفو، وأن قرارات المعزول بالعفو عن عدد من المساجين سبب الجرائم الإرهابية التي تشهدها البلاد. 
وطالبت بوجود شرطة قضائية لحماية القضاة من الاعتداءات، وانتقدت التدخلات الدولية في أحكام القضاء.

*ما سر التحاقك بالقضاء الجنائي حيث إنه مجال صعب ينظر أصعب أنواع القضايا؟
عندما تخرجت من كلية الحقوق، وضعت هدفا أمامي بالالتحاق بالقضاء الجنائي وليس المدني، حيث إن القضاء الجنائي يمس حريات الأفراد، والتعامل مع المجرمين أمر صعب، ولكن في بداية عملنا لم يكن متاح للقاضيات السيدات العمل في القضاء الجنائي، ولكن عندما تقابلت مع المستشار ممدوح مرعي وزير العدل الأسبق قلت له "يا معالي الوزير أنا نفسي أدخل القضاء الجنائي"، فرد "مرعي" وقال: "لا أمانع من دخولكن القضاء الجنائي والعمل به"، وبعدها حصلت على دبلومة ثم ماجستير في القانون الجنائي لأجهز نفسي للعمل بالقضاء الجنائي إلى أن وفقني الله والتحقت به. والقضاء الجنائي صعوبته ترجع إلى أنه قضاء عقيدة وليس ورق فيتم قراءة ورق الإدانة وأدلة الثبوت وأدلة النفي ويختار القاضي ما يرتاح له ضميره وقلبه وما يشعره أن هذا الرجل مدان وهذا في غاية الصعوبة.

*ألم تخشي من التعامل مع المجرمين خاصة أنك امرأة؟
لم أخش التعامل مع المجرمين أو التعامل مع زملائي الرجال أو التعامل مع الجمهور، رغم أن العديد من رجال القضاء كانوا يعترضون على عملي بالجنائي، إلا أنهم عندما وجدوني أتفانى في عملي بحب وإخلاص، وأدرس القضية جيدا، وأصدر رأيا أو حكما سليما، قاموا بتشجيعي وتلقيت دعما كبيرا منهم.

*كيف كان رد فعل المتقاضين في أول يوم جلستي فيه على منصة القضاء الجنائي؟، وما أول قضية نظرتيها؟
عندما جلست على منصة في محكمة جنايات جنح الأحداث كان هناك نظرات استغراب وعلامات دهشة من المواطنين المتواجدين داخل الجلسة بوجود امرأة قاضية على المنصة، وكانت أصعب قضية باشرتها شاب كان لديه كشك صفيح تحت إحدى الكباري وكان يديره للدعارة، كما نظرت عددا من القضايا لأطفال تحت سن الـ18 عاما ارتكبوا جرائم قتل عمد، مثل مشاجرة بين طفلين في مدرسة ترتب عليها مقتل أحدهما، وأصبح الآخر متهما ومجرما، وأصعب ما يكون في القضاء الجنائي أنه يمس حرية الأفراد، بعكس القضاء المدني وهو القضاء المستندني لا يصدر أحكاما تؤثر على أو تقيد حرية الأفراد.

*اعترض عدد كبير من شيوخ القضاة عمل المرأة واعتلائها منصة القضاء، وكذلك رفضت عمومية مجلس الدولة عمل المرأة كقاضية في مجلس الدولة. ما رأيك؟
صحيح كان هناك اعتراض من شيوخ القضاء على اعتلاء المرأة منصة القضاء، ولكن على مستوى تجربتي الشخصية تلقيت كل المساندة والتشجيع والدعم الحقيقي من أساتذتي شيوخ القضاة، خاصة خلال عملي حاليا بمحكمة النقض قمة الهرم القضائي في مصر، خاصة أنهم وجدوا إصراري واستعدادي للعمل، وقدرتي على دراسة القضية وقراءتها جيدا قبل أن أصدر حكما، فالقضاء بالنسبة لي لم يكن وظيفة عادية، وإنما دراسة وقراءة مستمرة وفحص وتدقيق للخروج بحكم سليم.

*وما ردك على أن الخوف من عمل المرأة في القضاء بسبب طبيعتها العاطفية التي قد تؤثر على حكمها؟
هذا غير حقيقي لا يوجد قاض رجل أو امرأة يرى الحق ويمنعه، قلب القاضي وعقله لا يستطيع أن يحكم ظلما، ولم تؤثر عاطفتي كامرأة على حكم أصدرته أو قضية نظرتها، حتى لو أن المتهمة في القضية سيدة، بل العكس كانت تستفزني إلى أقصى درجة قضايا الدعارة المتهم فيها سيدات، فقد ألتمس العذر لرجل متهم في تلك القضايا، ولكن لا ألتمس العذر يوما لامرأة عملت في الدعارة أيا كانت أسبابها، أو مبرراتها.

*إلى أي مدى أثر عملك في القضاء على أسرتك ومنزلك؟
عملي أثر على منزلي وحياتي الشخصية بنسبة 70 %، فلا أقوم بعمل شيء في حياتي سوى عملي، وما يتبقى بعد عملي فهو لأبنائي. 

*ما أصعب قضية باشرتيها خلال عملك بالقضاء الجنائي؟
لقد نظرت العديد من قضايا جنح الأحداث، وقضايا مخدرات، وقتل وهتك عرض واغتصاب وعدد كبير من قضايا القتل الخطأ، وقيادة بدون ترخيص وقضايا خيانة الأمانة وذلك لمن هم دون الـ18 عاما، ولكن أصعب قضية شاركت فيها خلال عملي بمحكمة النقض، نجار تعرض لضائقة مالية، فقرر استقلال دراجته البخارية واستخدامها في السرقة، ودخل إحدى القرى، ونزل على منزل يسكن فيه شيخ وامرأة عجوز، قتلها هي وزوجها بوحشية بأكثر من 20 طعنة ليسرق جهازي محمول و200 جنيه فقط.

*هل يمكن تخصيص دوائر مخصصة لجرائم التحرش الجنسي بهدف سرعة الفصل فيها؟
قضايا التحرش الجنسي لا تحتاج إلى دوائر متخصصة؛ لأن عددها بسيط، ولا تتساوى مع قضايا الإرهاب أو غسيل الأموال، أو قضايا الإتجار بالبشر، ولكن كل ما نحتاجه هو سرعة الفصل في تلك القضايا، من خلال سرعة التحقيق في جرائم التحرش، ثم إحالتها إلى المحكمة لتقوم بالفصل فيها في أسرع وقت، وبذلك يتحقق القضاء الناجز والرادع.

*وضعت أحكام الإعدام التي صدرت في حق الإخوان القضاء في مرمى الانتقادات الدولية.. ما تعليقك على تلك الانتقادات الدولية؟
بعد صدور أحكام بالإعدام على الإخوان وأنصارهم، توالت الانتقادات الدولية والعالمية حتى وصلت إلى المحكمة الجنائية الدولية، برفع الدعاوى القضائية ضد الحكومة المصرية تتهمها بارتكاب جريمة إبادة جماعية لجماعة الإخوان، ولكن بشكل عام لا يمكن الحكم على قضية وظروفها وملابساتها إلا بعد قراءتها، ولو فرضنا أنه هناك تجاوزات قد حدثت من قضاة، إلا أنها تشكل نسبة بسيطة لا تذكر، ولكن أكثر قضاة مصر يتمتعون بضمير وأخلاق، ويخافون الله عز وجل، ويخافون على قضائهم، وأنا أرفض أي انتقادات دولية غير موضوعية بزعم حماية حقوق الإنسان، وإطلاق تصريحات بشكل عشوائي دون معرفة ملابسات القضية وقراءة أوراقها وحيثيات الحكم، نقبل النقد ولكن بحدود، خاصة أن أحكام الإعدام التي صدرت هي أحكام غيابية ولم يتم تنفيذها حتى الآن، وأود أن أشير إلى أن هناك دولا كثيرة واتجهات دولية غير مؤيدة لثورة 30 يونيو، اتخذت موقفا معاديا ضد مصر.


*رأيك في اتهام القضاء بالمسيس بسبب بعض الأحكام الصادرة ضد بعض الناشطين السياسيين مثل "دومة" وغيره؟
ضمير القاضي يمنعه من أن يلفظ بأي كلمة غير الحق، والاتهامات بتسييس القضاء أرفضها؛ لأنها بدون سند أو دليل. والقانون لا يميز بين دومه أو غيره، ومن ينتهك القانون لا بد أن يخضع لطائلة القانون، ويجب على هؤلاء الناشطين أن يكونوا قدوة وأن يلتزموا بتطبيق القانون.

*تتعرض بعض المحاكم إلى هجوم، فضلا عن تعرض بعض القضاة إلى اعتداءات مختلفة، فهل ترين أن هناك ضرورة لوجود شرطة قضائية؟
نحن طالبنا بوجود شرطة قضائية من ضمن الإصلاحات التي يجب أن تلحق بالقضاء، وأنا شخصيا تعرضت لمواقف صعبة عند حصار أنصار الإخوان لبعض المحاكم، وتم تحطيم سيارتي، وبالتالي وجود شرطة قضائية ضروري للحفاظ على أمن القاضي، وتأمين دخوله وخروجه من المحكمة؛ حيث إن في الدول الغربية الجمهور العادي لا يرى القاضي عند دخوله وخروجه من المحكمة لحمايته، فحماية القاضي هو حماية للمجتمع؛ حيث إن القاضي يقع تحت ضغوط شديدة وانتقادات لاذعة، واعتداءات، فكيف يعمل في هذه الظروف.، ونأمل أن نطبقها قريبا، وأؤكد أن حماية القاضي تهدف أيضا إلى طمأنة الرأي العام، وأشير إلى أن الحماية يجب أن تطال المجتمع كله، ولو رتبنا الأولويات، فمن الأولى أن يتم تأمين الشارع كاملا، ثم يأتي في المرتبة الثانية تأمين وحماية القاضي.


*ما رأيك في إحالة قضاة من أجل مصر إلى الصلاحية ومجلس التأديب ؟
عندما وجدت مجموعة من القضاة أطلقوا على أنفسهم " قضاة من أجل مصر "، يذيعون نتيجة فوز الرئيس المعزول بالانتخابات الرئاسية الماضية، أصابتني صدمة، فلقد تعلمنا وحصلنا كقضاة على دورات تدريبية مكثفة على كيفية أن يكون القاضي منزها عن كل خطأ، ومحايدا، ومستقلا، ولا ينحاز لفصيل عن آخر بالقول أو الفعل، حتى لا يفقد صلاحيته من الجلوس على منصة القضاة، فالقاضي يسمى بـ"القاضي الطبيعي" فلا يجب أن يعلم أي مواطن ميول القاضي أو اتجاهاته، حتى يطمئن إلى نزاهته وحيدته، وبالتالي قضاة من أجل مصر ارتكبوا خطأ وظيفيا ومهنيا بهذا البيان لأن الرأي العام علموا اتجاهاتهم وميولهم، وبالتالي أرفض تماما تصنيف القضاة إلى مذاهب أو اتجاهات لأن القاضي ليس له اتجاه.


*أشرفتي على الانتخابات الرئاسية السابقة، ما التجاوزات التي قمتي برصدها خلال العملية الانتخابية؟
لقد أشرفت على انتخابات عديدة، ولكن أقسم بالله لم أر نزاهة قبل هذه الانتخابات، ففي الانتخابات السابقة التي كنت أشرف عليها كنت دائما أخرج إلى خارج المدرسة أو مقر اللجان الانتخابية وأطلب من الشرطة الموجودة إزالة صور الدعاية الانتخابية الملصقة على جدران المدرسة، وخارج المقر الانتخابي، بالمخالفة للقانون، وكنت أرى أيضا حشدا للمواطنين ونقلهم بأتوبيسات إلى اللجان الانتخابية وتوجيههم على نحو معين، ولكن للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم أجد ظاهرة توجيه الناخبين في لجنتي وأعتقد أن مصر لم تشهد انتخابات نزيهة مثل الانتخابات الرئاسية الماضية.

*ما أهم التعديلات التي يجب أن يتضمنها قانون السلطة القضائية؟
هناك أكثر من جهة تشارك في تعديل قانون السلطة القضائية مثل وزارة العدل ونادي القضاة، ويبقى أهم تعديل على الإطلاق وهو فصل تبعية التفتيش القضائي عن وزارة العدل ونقلها إلى مجلس القضاء الاعلى باعتباره الجهة المنوط بها القيام بكل مايخص القضاء والقضاة لضمان استقلال القضاء تماما عن السلطة التنفيذية، ويجب إعادة هيكلة المحاكم حتى يشعر المواطن بالعدالة الناجزة، وهو قانون تعديلاته تصب في صالح المواطن ويجب انتظار مجلس النواب لإصداره حتى يحظى بالدراسة الكافية.

*هل تعتقدين أن في القضاء قضاة ينتمون إلى الإخوان؟
أي قاض يشتبه في وجود انتماءات سياسية لديه سواء للإخوان أو غيرهم فهو تحت الفحص والنظر دائما، ولن يترك أي قاض يلوث سمعه القضاء، وأي قاض لديه انتماءات سياسية سوف يحاسب وتتخذ ضده الإجراءات المناسبة.

*ما رأيك في المطالبات الدولية بالعفو عن بعض الناشطين السياسيين ؟
 لا يجوز أن تتحكم الانتقادات والمطالب الدولية في قرار اتخذه القضاء المصري، ولابد من احترام القانون والالتزام به طالما صدرت أحكاما ضدهم وأي قرارات عفو قد تصدر تمثل عدم احترام للقانون، وفتح باب جديد للاستهتار به وأرفض قرارات العفو في المرحلة التي نمر بها الآن.

*هل يمكن أن يتم إصدار عفو عن الرئيس المخلوع مبارك ؟
مبارك ليس إرهابيا، ولا يمكن أن أضعه في نفس السلة مع الإرهابيين الذي أصدر المعزول قرارا بالعفو عنهم خلال حكمه، ويجب احترام الرئيس المخلوع لكونه كان رئيسا سابقا لمصر، خاصة أنه لم يرتكب جرائم إرهابية، وأنا لا أرفض فكرة العفو عنه طالما لم يخن بلده، وهذه عملية سياسية ترجع إلى القائمين على القرار في مصر.

*وهل يمكن إصدار عفو رئاسي عن الرئيس المعزول ؟
قرارات المعزول بالعفو عن عدد من المساجين سبب الجرائم الإرهابية التي تشهدها البلاد وإذا صدر ضده أحكام قضائية تدينه، وتؤكد أنه خائن أو جاسوس أو عميل، فأنا ضد العفو عمن خان بلده.



الجريدة الرسمية