رئيس التحرير
عصام كامل

المشايخ ضد «الإخوان»!


فى تونس تقول الأخبار إن الهوة كبيرة بين حمادى الجبالى، «نجم» النهضة ورئيس حكومتها، وراشد الغنوشى، مرشد النهضة ومحركها.

الخلاف وصل إلى طريق مسدود حول منهج إدارة الحكم والسياسة، بعد رفض مبادرة الجبالى لتشكيل حكومة احترافية، عوض الحكومة السياسية السلطوية المسيطر عليها النهضويون، لكن «الشيخ» راشد رفض بعناد، وقال بصراحة متناهية، وبالنص: «لن نتخلى عن السلطة». فحنق الجبالى على الغنوشى هذه الشيمة السلطوية المخيفة، وقدم استقالته، وتقول بعض الأنباء إنه يزمع تأسيس حزب إسلامى جديد، بنكهة أكثر ليبرالية ومرونة من حزب الغنوشى.


قبل الجبالى كان الشيخ عبدالفتاح مورو، وهو الرمز النهضوى الموازى للغنوشى فى تونس، وكان قد طالب سابقا بتنحى الغنوشى عن قيادة الحركة، إنقاذا لها، لكن مورو عاد فـ«لطف» تصريحه، بعدما غازله الغنوشى بكلام حسن فى العلن، ولا ندرى كيف خاطبه فى الخفاء، حتى يبادر الشيخ مورو إلى تغيير مطلبه وتليينه.

هذا فى تونس، وفى مصر كان رفاق "أبوالعلا ماضى"، مثل عصام سلطان ومحمد محسوب، وغيرهما، غادروا حضن الجماعة الأم، الإخوان المسلمين، إثر صياغتهم برنامجا سياسيا للعمل السياسى، قيل إنه أصلا بطلب من الجماعة، وقيل بمبادرة ذاتية من شباب الجماعة، ثم رفضته الجماعة، فأسس الشباب حزبهم عام1996، لكن لجنة الأحزاب حينها رفضته، وأصبح قضية فى مصر، وتقدموا بالطلب 3 مرات، ورفض، حتى قبل تأسيسه بعد سقوط نظام حسنى مبارك 2011، باسم الوسط الجديد.

أثناء ذلك، وقبله أكثر، كان الانتماء إلى حزب الوسط، أو حتى التواصل معه، مدعاة للنبذ داخل جسد الجماعة الأم، رغم الخلفية الفكرية والحركية والتربوية الواحدة، ولاحقا بعد ما سمى بالربيع العربى فى مصر، وإصرار القيادى الإخوانى الكبير عبدالمنعم أبوالفتوح على خوض سباق الرئاسة، عكس ما قرره «الإخوان» فى حينه، تم خروج، أو إخراج، "أبوالفتوح" من الجماعة، وقام بتأسيس حزبه الخاص، وتكثير مريديه وجمهوره، والآن يحاول أن يقدم نفسه بديلا معتدلا عن الجماعة، كوجه إسلامى بنكهة ليبرالية وطنية، ولا يزال يحاول.

نتحدث عن الأبرز فى مصر، وهناك كثيرون يحاولون إما القفز من سفينة «الإخوان»، أو اقتطاع حصة من نصيبها الجماهيرى، عبر مزاحمتها على الشعار الدينى، بعد عثرات الجماعة فى الحكم، وهناك فى مصر من وصل به الأمر إلى محاولة الحلول محل الجماعة فى نشاطها الأم وهو الدعوة والتأطير الجماهيرى بعيدا عن العمل السياسى المباشر، مثلما يحاول هذه الأيام القيادى الإخوانى السابق، كمال الهلباوى، ومعه نائب مرشد الجماعة السابق والمستبعد بدوره منها، محمد حبيب.

لاحظوا أننا نتحدث فقط عن الانشقاقات داخل إطار جماعة الإخوان، وهى ليست الجماعة الوحيدة التى تتوسل شعارات دينية للحشد السياسى وإغراء الجماهير، فهناك جماعات ثانية مثل السلفية السياسية، وجماعات حزب التحرير المنادية بشكل ملح ووحيد إلى الخلافة، وداخل كل تيار من هذه التيارات تجد انشقاقات وانفصالات، تصل أحيانا إلى حد حمل السلاح، والتضليل، بل والتخوين، ويكفى أن تقرأ ما قاله السلفيون فى «الإخوان»، وما قاله «الإخوان» فى السلفيين، وما قاله حزب التحرير فى الاثنين، لتعرف شراسة الاختلاف.

الغرض من هذا كله القول: مَن مِن هؤلاء يمثل الرؤية الإسلامية «الحقيقية»؟!
بالنسبة لى كلهم مجرد بشر يجتهدون رأيا بشريا حمالا للخطأ والصواب، وليسوا ممثلين نهائيين للحق الإلهى، مهما رفعوا من شعارات مقدسة.

العبرة بالدليل والبرهان، والنتائج على الأرض، ونفع الناس، وليس بمظاهر الزى والوجوه، وترديد الخطب والمواعظ.

نقلا عن الشرق الأوسط.
الجريدة الرسمية