رئيس التحرير
عصام كامل

تطوير الخطاب: هل تقبل بذلك في الأزهر يا فضيلة الإمام ؟!


هل يتخيل أحد أننا وفي الألفية الثالثة فعلا، وأن الأزهر الشريف على رأسه رجل بمكانة وعلم فضيلة الإمام الطيب، لم يدرس في الخارج وحسب، وإنما هو أصلا من أنصار التجديد وفتح أبواب الاجتهاد، وفي عهده أن الأزهر ليس فقط لم يشرف على لجان فقهية علمية لتقديم فقه معاصر، بل لم يقم الأزهر حتى اللحظة بتشكيل لجان لتنقية التراث الفقهي المتوارث من عصور سابقة اجتهد علماؤها بشروط عصرهم وطبقا لمعارفهم وقتئذ؟!



هل يصدق أحد أن جامعة الأزهر التي فتحت أبوابها لتدريس العلوم الإنسانية مع العلوم الشرعية عند تطوير الأزهر عام ٦١ أي تضم منذ نصف قرن كليات للطب، لا تزال تحوي كتبه الشرعية ما يسمي فقها بـــ "الحمل المستكن"  !!

ربما سيصدم الكثيرون بقصة "الحمل المستكن" التي تعطي شرعا فرصة استمرار الحمل في أحشاء الزوجة بعد وفاة الزوج أو تغيبه أو الطلاق منه لمدد تصل إلى عامين عند الحنفية، وأربع سنوات عند المالكية والشافعية وبعض المدارس الأخرى تزيد عن ذلك؟! 

سيصدم الناس حين يقرأون فتوى للشيخ أحمد هريدي مفتي الديار المصرية على موقع "أون إسلام" بتاريخ ١٠ يونيو ٢٠٠٣ في باب فتاوي "ميراث الحمل" من زوجة شخص يدعى "طارق مراد" تقول إنه توفي وحملت منه حملا قد يكون مستكنا، فيفتيها بأن الطفل لو جاء خلال عام - عام كامل - من الحمل فله نصيبه من الميراث، وإن ولد بعد أكثر من عام - ولم يحدد فضيلته الحد الأقصى لذلك - فحسب نوعه ذكر أم أنثى !!

المدهش أن المادة ٢٩ من قانون الأحوال الشخصية المستمدة من تراث الفقه الإسلامي طبعا تقول (على الوصى على الحمل المستكن إبلاغ النيابة العامة بانقضاء مدة الحمل أو بانفصاله حيا أو ميتا).. والأدهش أنها تقول في المادة ٣٠ ( يعاقب على مخالفة أحكام المواد 29،28،27 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد عن مائة جنيه، فإذا كان عدم التبليغ بقصد الإضرار بعدم الأهلية أو ناقصها أو الغائب أو غيرهم من ذوى الشأن تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين)!!

والسؤال: في أي مكان في العالم أو حتى في الكواكب الأخري يوجد حمل يصل إلى عدة سنوات؟ هل يوجد مرجع واحد في الكون سجل علميا حالة واحدة لذلك ؟ لقد تمت مثل هذه الفتاوي في عهود التبس على الفقهاء بعض الأمور الطبية الخاصة بالمرأة لكن تمت معرفة ذلك وغيره وتحديده علميا وقطعيا منذ سنوات طويلة واستقر علم النساء والتوليد، ورغم ذلك، ظلت الفتاوى، وظل علماء الدين المعاصرون ينهلون منها في حالة غيبوبة كلية، تسيء أول ما تسيء، للدين الحنيف العظيم، الذي أنهى المسألة كلها وجعلها واضحة جلية حين قال ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )، وقال ليوضحها أكثر في آية أخرى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)، ليكون مجموع الرضاعة  ٢٤شهرا ويكون الحمل حده الأدنى ستة أشهر ولا يزيد عن تسعة أشهر بأي حال!!

من أين أتى الفقهاء بمثل هذه الفتاوى؟ وإن كانت قادمة من زمن سابق.. كيف تبقى حتى الآن؟ كيف تظل هذه الخزعبلات حتى الآن ؟ وكيف هان علينا قرآننا العظيم هكذا ؟ وكم من المفاسد الأسرية والأخلاقية تترتب عليها؟! وكيف يفتي بها علماء كبار؟ ولماذا تندهشون إذن من تزايد معدلات الإلحاد ؟!
ابدأ بالأزهر يا فضيلة الإمام...
وللحديث فيما يبدو بقية...

الجريدة الرسمية